مستجدات الثورة السورية في الساحة الاقليمية والدولية
- بواسطة مؤتمر الأمة --
- الأربعاء 18 ذو الحجة 1434 04:15 --
- 0 تعليقات
مستجدات الثورة السورية في الساحة الاقليمية والدولية
د . عبدالله ابو السمن
21-10-2013
لا تزال الثورة منذ عامين ونصف تواجه اعتى القوى في هذا الزمن على الارض السورية اذ انها تواجه النظام المدعوم من النظام الروسي والصيني والايراني والعراقي واللبناني في العلن , وكذلك المدعوم من الطائفة الشيعية في كل مكان في البحرين واليمن والسعودية والباكستان , اضافة الى التنظيمات التابعة لكل جهة من الجهات المختلفة ممثلة باليسار والبعث والتنظيمات الملحقة بإيران , كل هذا تواجهه ثورة لا زالت تتعلم ابجديات العمل العسكري من خلال المواجهة الميدانية , وتتسلح بما يمكنها اغتصابه من النظام او بما تجود عليها به قوى شعبية من صالحي هذه الامة , اضافة للمال الذي يقدم في اطار الاغاثة والطعام والشراب لسد رمق الجوعى , والمرابطين في الميدان الذين لا يجدون احيانا لعدة ايام ما يسدون به رمقهم .
وخلال العامين والنصف السابقين لم تنجز الثورة ما وضعته من اهداف وعلى رأسها اسقاط نظام بشار , ولم يتمكن النظام الاسدي من اضعاف الثورة رغم امكاناتها المحدودة وقلة حيلتها وهوانها على الناس , ومع كل يوم يمر على سوريا يزداد القتل والدمار والتشرد وتزاد الاسلحة المستخدمة من قبل النظام ضراوة وفتكا , حتى وصل الامر الى استخدام الكيماوي والصواريخ بعيدة المدى والبراميل المتفجرة التي تفتك بمجمل الشعب السوري .
كما ان الثورة رغم شدة الاحداث وضراوة المعركة لم تستطع ايجاد قيادة عسكرية موحدة , ولا قيادة سياسية تقود الثورة من رحمها, بل على العكس من ذلك فان القيادة العسكرية والسياسية التي فرضها المحيط بالتعاون مع الغرب اصبحت جزءا من اللعبة الدولية , واصبحت عبئا على الثورة وعلى امكاناتها وقدراتها , حتى وصل الامر الى اتهامهم بإضعاف بعض الجبهات على حساب الاخرى من خلال وقف الامدادات لمعركتي الساحل ودمشق اضافة الى التحاقهم بالمشروع الغربي والعمل له . وقد تكون المبررات لذلك مختلفة والاسباب غير مقنعة , الا ان المراقبين يتعاملون مع النتائج لا مع التبريرات او حسن النوايا والدوافع, وهذا ما يحمل الثورة السورية والقيادة السياسية المتشكلة والعسكرية مسؤولية عظمى وتاريخية ليس فقط بتأخر النصر , ولكن ايضا بضياع فرصة التغيير التي ان حصلت فإنها ستعمل على نهضة الامة العربية ومن خلفها المسلمة وستحيي الامل المنشود بوحدة الامة واسترداد ما اغتصب من ارض فلسطين .
وفي نفس الوقت فان تأخير النصر على الارض السورية سمح للنظام الايراني ان يتلاعب بأوراق الضغط المتاحة لديه, وان يحسن المساومة عليها لإبقاء نظام الحكم السوري الاسدي والحفاظ عليه طيلة هذه الفترة , ولا زال يمتلك من الاوراق المعلومة وغير المعلومة لاستنزاف الثوار والثورة حماية لمصالحه وللمشاركة في المعركة بقوة وفعالية من خلال اذرعه المترامية هنا وهناك , ومن خلال طواعية هذه الاذرع للمال الايراني والمتابعة الامنية والدعم العسكري المتواصل لبناء الخلايا النائمة والعاملة في الوطن العربي وغيره من الدول الاوروبية والاسلامية.
لقد نجحت السياسة الايرانية طيلة العامين السابقين في اعاقة الثورة ومواجهتها على الارض , و تأخير التدخل الدولي, وحتى بتعطيل دعم الثورة والثوار عربيا ودوليا , كما نجح النظام الايراني من خلال الانتخابات " الضمنية " باستقدام شخصية محسوبة على الاصلاحيين حتى يمتص الثورة الداخلية في المجتمع الايراني , ويقلل من حدة التوتر بين النظام الايراني والمجتمع الدولي , فضرب بذلك عدة عصافير بحجر واحد, ونقل احتمالية الثورة المؤججة من المجتمع الايراني الى امكانية الثورة في الخليج العربي , نتيجة السياسات الخرقاء للنظام الخليجي في تعامله مع قضايا الامة من وحي التبعية العمياء للغرب والامريكان لا من وحي مصالحه واحتياجات المنطقة العربية واحتياجات ذوي القربى والامة العربية المسلمة .
وعلى الرغم من الحصار الدولي على ايران , وخوضها المعركة نيابة عن سوريا وتراجع القدرة الاقتصادية والقوة الشرائية للعملة الايرانية , وعلى الرغم من العدائية الاعلامية للولايات المتحدة الامريكية والغرب , الا ان مصالح ايران هي المحرك الفعال لسياساتها الخارجية وقد بنت هذه المصالح تراكميا على مدار ثلاثين عاما , ودفعت الكثير لهذا البناء وهي على الاستعداد لتقدم اكثر خدمة لمصالحها والابقاء عليها في دائرة القوة , ولهذا لم تجد غضاضة في الجلوس على طاولة المفاوضات لمناقشة النشاط النووي الايراني , في اللحظة التي كانت العسكرية العالمية والاقليمية والعربية تجتمع مهددة بإسقاط نظام بشار, وفي اللحظة التي تم تحريك القطاعات العسكرية الغربية بحريا وبريا في مواجهة الحدود السورية بعد الضربة الكيماوية التي راح ضحيتها اطفال الشعب السوري ونساؤه والقواعد من الرجال .
ولأن المصالح هي العامل المشترك بين الدول فقد اوقفت المنظومة الدولية الضربة , وعادت لتجلس على الطاولة وتناقش ابجديات الصناعة النووية الايرانية وشروطها واليات التعامل معها , وهذا ما سيكسب نظام الاسد فترة اخرى في الصراع والمناورة ويسمح له بالبقاء فترة اطول في الحكم يستخدمها في قتل شعبة ومجابهة الثوار - القوى الاسلامية المجاهدة - نيابة عن العالم كما يقوله مندوبه في الامم المتحدة .
ان مناورة الجلوس الايراني على طاولة المفاوضات لا يعني بشكل من الاشكال الحديث فقط عن المفاعلات النووية ومقدار التخصيب واين يتم التخصيب , وانما سيشمل الحديث كافة الملفات التي تتعلق بسياسة ايران في المنطقة , وسيشمل الية تعاملها مع اذرعها وعلاقة ذلك بالوجود الاسرائيلي , وسيتعدى ذلك الى الدور الاقليمي الايراني وحدوده , وكيفية استخدام النظام الايراني في المستقبل لمزيد من اضعاف المنطقة وابتزازها لصالح الغرب وصالح العدو الاسرائيلي , وسيترك للجانب الايراني النجاح الاعلامي بالمفاوضات , والابقاء على اذرعها لتتحول الى تنظيمات سياسية في مناطق الصراع مع العدو الاسرائيلي,مع احتمال الابقاء على بعض اذرعها العسكرية لتمارس نشاطا ارهابيا داخل المنطقة العربية وخصوصا في الجزيرة العربية , اضافة للمغرب العربي والداخل الافريقي ,ولإعطائها مجالا اوسع في منطقة المشرق العربي اقتصاديا وسياسيا , مع الحفاظ على الدور التركي في المغرب العربي من حيث التبعية السياسية والاقتصادية , وبهذا تعود الامور الى ما خطط له قبل الثورة في سوريا , ويبقى الحوار على العراق بين تركيا وايران وقد يتم التوافق على تقاسم الصلاحيات في العراق تبعا للتقسيمات الادارية الجديدة فيه, وفي حال ما تمت الامور على هذه الشاكلة فان العرب هم الخاسرون في معركة الثورة في جميع المجالات , ولم يبق لهم الا ان يندبوا حظهم تحت مزيد من الضغوطات الدولية والاقليمية , وعندها لن يصلح امرهم الا ان يستمروا بدعم المقاومة السورية بجميع تياراتها لتنجح بمعركة المواجهة على الارض السورية مع الداخل والخارج .
لعل الثورة السورية في صراعها مع العالم ان تكون المخرج العربي من ازمته وتبعيته , ومن احتمالات توسع النزيف و زيادة الضعف والانقسام العربي على اساس خارطة شرق اوسط جديد , ولعل استمرارية و نجاح الثورة السورية ان يحطم مشروع الغرب في المنطقة اضافة الى تأخير وتعطيل مشروع الشرق , مما يكسب العرب فرصة متاحة مع بعض الوقت حتى تعبر العاصفة القائمة على التوافق الاقليمي الدولي لاستنزاف الواقع العربي , وهذا يحتم على العرب ان يأخذوا زمام المبادرة في رفض الاملاءات الدولية والغربية , وفي اعادة النظر بالمصالحة مع الداخل من اجل تقليل ما امكن من الازمة المحتقنة مع الشعوب , ولتحصين الوضع الداخلي والاستقواء والاستعداد لمعركة الخارج من خلال الداخل المتماسك,والا فان تردي الاوضاع وانهيار البنى الداخلية بشكل متتابع ومتوالي هو ما سيحدث نتاج هذه السياسات الحمقاء في الوطن العربي , من قبل القيادات غير الحكيمة ومن قبل الاجهزة المخترقة التي تعمل ضد مصالح الامة .
ولعل المشاهد من تحولات المنطقة باتجاه الثورة السورية لا ينذر بخير , بل على العكس يعد بشر لها , ويزيد من الخناق على امكانياتها وامكانية تواصلها واستمرارها ان لم تدعم القوى الشعبية الثورة السورية بكل امكاناتها , وان لم تتقوى الثورة بنفسها وبالإمكانات التسليحية التي يمكن تحصيلها من النظام المتهاوي , وان لم توحد الثورة نفسها على شكل جبهات عسكرية وسياسية في المحافظات , وان لم تساند الثورة بعضها بعضا في كافة الجبهات وخاصة في جبهتي دمشق والساحل, فجبهة دمشق تسقط النظام وتجعل من جميع الجيش في المناطق المختلفة فلولا او هاربين منقسمين عن النظام او تابعين لقيادة الجيش الحر والكتائب الاخرى , اما جبهة الساحل فهي تسقط المشروع الغربي بتقسيم سوريا الى كنتونات ضعيفة تتسابق للعلاقة مع الكيان الاسرائيلي والنظام الغربي .ولعل اهم المستجدات في محيط الثورة السورية والتي لا يمكن اغفالها لما لها من دور في امكانية حصارها وتجفيف الموارد البشرية والمالية لها وتقديم المعلومات الامنية عنها لضربها ببعضها بعضا , هي :
1- اعادة التناغم بين الموقف الاردني وحزب الله
فقد اوردت جريدة القدس العربي بتاريخ 8-10-2013 للكاتب الصحفي بسام البدارين تحت العنوان التالي :" الاردن يبحث عن مخرج استراتيجي : إستدراك مع دمشق وتقارب عبر السياحة الشيعية من طهران وتسهيلات لحزب الله مع البقاء في المحور الخليجي " , وقد اشار الى امكانية السماح بالسياحة الشيعية الدينية في المملكة في اطار التحول بالعلاقات الاردنية بما يسمى الهلال الشيعي , ومن مظاهر هذا التحول السماح لمطبوعات ممولة من حزب الله بدخول البلاد , والسماح لمحطة المنار بالتحرك بحرية في الشارع الاردني , وارسلت رسالة لحزب الله مع موفد سري , وتم التغاضي عن زيارة وفد من النشطاء المتقاعدين الى ايران , وسيتم انشاء مركز للدراسات يعنى بالشؤون الايرانية , اضافة للحديث المتواصل عن الحل السياسي للازمة السورية وقد اكد هذا التقارب السفير السوري في الاردن في حديثه لقناة الميادين . هذا التناغم سبقه مغازلة بين الجانب الايراني والاردني , عندما وعدت ايران بنفط مجاني على مدار ثلاثين عاما للأردن , وتوجت هذه المغازلة بزيارة المالكي للملكة الاردنية مع حزمة من الوعود والمطالب المتعلقة بالثورة العراقية وتواجد بعض السياسيين العراقيين على الارض الاردنية , اضافة الى مطالب متعلقة بالثورة السورية , فهل وصلت العلاقات حد التشارك والتعاون ؟ ام ان هذه العلاقات تقع باطار التشكيلات الاقليمية والتوافقات الامريكية الايرانية ؟ ام انها تقع باطار المصالح الاردنية التي لا يمكن لها ان تبتعد كثيرا عن الخليج العربي ؟ هذا ما ستكشفه الايام المقبلة .
-2 اعادة التناغم بين حماس وايران والنظام السوري
اوردت جريدة النهار بعددها الصادر 11-10-2013 تحت عنوان " زيارة "حمساوية" لإيران تعيد ترميم العلاقة بين الطرفين" "
فقد أكد مسؤول بارز في الحكومة الفلسطينية المقالة التي تقودها حركة حماس في غزة، حدوث انفراجة في العلاقة مع إيران، إثر زيارة مسؤول من الحركة إلى طهران. وقال يوسف رزقة، المستشار السياسي لرئيس الوزراء إسماعيل هنية، لوكالة (يونايتد برس إنترناشونال) إن عضو المكتب السياسي لـ"حماس" محمد نصر، زار إيران وبات هناك تفاهمات إيجابية. وعما ذكرته بعض وسائل الإعلام عن زيارة مرتقبة لرئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل إلى طهران، قال رزقة "لا تتوفر لدي معلومات عن هذه الزيارة"، ولكنه أكد أنه "إذا تمت الزيارة فإنها تعيد الدفء للعلاقات وتعيد الحالة للتعاون". وأشار إلى ان العلاقة مع إيران تأثرت بفعل تداعيات الموقف من المسألة السورية، موضحاً انه "إذا تم عزل هذا الملف (الملف السوري) فالعلاقات الثنائية لم تتضرر". وقال ان "حماس ليس لها موقف ضد إيران وكذلك العكس، والخلاف في المواقف حول بعض الملفات والقضايا مشروع ويمكن أن يحدث بين الأصدقاء". وأكد ان "القضية التي تجمع حماس مع إيران قضية القدس والتحرير وهي عناصر جمع أكبر من نقاط الخلاف. " وفي نفس الاطار في جريدة الراي 14-10-2013 فقد هاجم جيش الاسلام الذي يضم مجموعة من القوى السورية المقاتلة في دمشق ( خالد مشعل) اثر خطابه الذي القاه في بيروت في المؤتمر الذي نظمته مؤسسة القدس الدولية وقد عنونت الصحف "«جيش الإسلام» يهاجم بعنف , خالد مشعل: مأجور ويتاجر بالقضية ودماء الفلسطينيين"ومما اورده البيان " لعل مشعل بتوصيفه للجهاد المقدس على أرض الشام بالحرب الطائفية يحاول نيل شهادة حسن سلوك دولية على حساب الدم السوري ولعله بإعلانه أن المجاهدين قد أخطأوا الهدف يحاول استرضاء إيران عسى أن ينال شيئا مما قطع عنه من أموالها".وقد ورد ايضا " لن نستغرب أبدا بعد هذا التصريح أن نسمع أن مشعل قد نقل مقر إقامته إلى طهران، وشتان بين موقف خالد مشعل وموقف رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين الشيخ رائد صلاح الذي قال إن تحرير الأقصى يبدأ من تحرير دمشق".مع العلم ان العلاقة بين الداخل الفلسطيني في غزة والنظام الايراني , والزيارات المتبادلة لحماس غزة لم تنقطع , اضافة للمعونات المالية الايرانية الشهرية لها , وان سارت بمسار متباطئ بسبب العلاقة الايرانية مع مكتب حماس السياسي في الخارج , فهل بدأ حراك حماس في الخارج لترميم العلاقة مع ايران على حساب التقارب مع الاسد في مواجهة الثورة السورية ؟ بعد ما فقدت حماس الحضن السوري رغم تأكيدات هنية في اكثر من مرة ان لا تدخل لحماس بالشأن السوري , ام ان علاقات التقارب الامريكية الايرانية اثرت على قرارات الحركة ؟ ام ان ما يجري يقع ضمن اطار الصراع والتوافق الفلسطيني الفلسطيني بعدما فقدت حماس مراهناتها على الاخوان ومرسي في مصر وفي نفس الوقت تعاني من استهداف القيادة المصرية الجديدة لاتهامها بالتدخل والمشاركة بالشأن المصري ؟
-3 اعادة التناغم بين السلطة الفلسطينية وبين النظام السوري
مع وجود العلاقة القوية بين حماس والنظام السوري على مدار اكثر من عقد من الزمان والتي تراجعت في الفترة الاخيرة بفعل الموقف من الثورة السورية والنظام السوري - الذي يحسب لها وليس عليها - , كانت العلاقات مع سلطة الضفة " سلطة اوسلو" شبه معدومة واقرب الى القطيعة , وكانت سوريا متهمة من قبل سلطة رام الله بانها السبب الرئيس هي وايران بالانقسام الفلسطيني وعدم الوصول الى أي اتفاق يجمع طرفي النزاع . ومع تراجع العلاقة بين حماس وسوريا تقدمت سلطة اوسلو على الخط , وبدأت الزيارات والاتصالات مع نظام بشار وخاصة بالفترة الاخيرة فقد ارسلت سلطة رام الله عباس زكي الى دمشق الذي اشار مكتبه في بيان له ان الزيارة: " لم تكن شخصية، بل جاءت بناءً على الموقف الفلسطيني "وقال البيان: 'لم تكن زيارة عباس زكي إلى سوريا شخصية، فالزيارة السياسية بامتياز لدمشق تمت انعكاسا لمواقف اللجنة المركزية لحركة فتح، وبناء على توجيهات وسياسات الرئيس محمود عباس وهي ليست الأولى، فقد سبقها ثلاث زيارات فلسطينية تمت برئاسة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عضو اللجنة المركزية لحركة فتح زكريا الأغا، وأعضاء من المجلس الوطني" . وقد لعبت سياسة النأي بالنفس عما يجري في سوريا من قبل سلطة رام الله خلال الثورة السورية على بشار دورا خدم مصلحة السلطة في الايام الاخيرة , الا انه لم يخدم الشعب الفلسطيني على الارض السورية . فقد وجد الشعب الفلسطيني نفسه جزءا من محوري الصراع , بفعل العلاقة القديمة بين النظام السوري وبعض الفصائل الفلسطينية على الارض السورية من جهة , ومن جهة اخرى وقوف الشعب الفلسطيني الى جانب اشقائه السوريين في محنتهم ومصابهم والمساندة في ايوائهم , مما اشعل اكثر من معركة في المخيمات بين الفصائل , وبين المخيمات والنظام وقد ادى ذلك لتدمير المخيمات وتشريد اهلها في الاراضي السورية والتركية واللبنانية وغيرها ممن سمح لهم بدخول تلك الاراضي .ان زيارة عباس زكي ومدحه النظام السوري في مثل هذا الوقت وان كان فحواها مساندة ومتابعة الشعب الفلسطيني على الارض السورية , الا انها تفوح منها رائحة التغيرات والتقلبات التي تطرأ على المنطقة سواء بالداخل السوري او الضغوطات التي بدأت تؤثر على ايران والمحاور الجديدة التي ستنشأ بالمنطقة بعد الانتهاء من الثورة السورية والثوار المقاتلين على ارضها فهل هذه الزيارة بدافع فلسطيني محض ؟ ام انها بتوجيه امريكي ؟ وهل صحيح ما قيل عن حمل عباس زكي رسالة من الجانب القطري للقيادة السورية ؟ وان كان ذلك , فما فحوى هذه الرسالة ؟ وما نتائج مثل هذه الزيارة على واقع المفاوضات الفلسطينية مع الكيان الاسرائيلي ؟ وهل سيكون لها اثر في المصالحة الفلسطينية بين جناحي الصراع رغم التدخلات التركية بالطلب من هنية التريث في هذه المصالحة الى ما بعد وضوح مجريات الساحة المصرية ؟ .
-4 التهديد السعودي بقطع الامدادات المالية عن الثورة السورية وتراجع الدعم العربي لها .
لم تنجح القيادة القطرية بحمل الملف السوري الى نهايته رغم التسهيلات التي قدمها القطريون للثورة السورية ورغم محاولاتهم تشكيل الائتلاف السوري ليشكل وعاء سياسيا قادرا على حمل المسؤولية السياسية للثورة وعليه لم تلتزم قطر ايضا بتقديم المبلغ المرصود للأسد في البنوك القطرية والبالغ قرابة المليار دولار, فانتقل الملف السوري الى الجانب السعودي , الا ان الصراعات الداخلية بين اجنحة الحكم في السعودية وكبر سن القيادة وترهلها اضافة للضغوطات الخارجية المرتبطة بالتحولات السياسية في المنطقة , قد اضعف القرار السعودي وأظهره مترددا مرتبكا بشأن الية دعم الثورة السورية .
فقد اظهر الاعلام الدولي الثورة السورية انها ثورة ارهابية , و ساعد في ذلك الوضع الداخلي السوري والصراعات الدائرة على الارض السورية في تأكيد مثل هذا المشهد , وظهر النظام على انه يحارب مجموعات ارهابية تشكل خطرا على المنطقة بكاملها , بل واظهر النظام نفسه بموقع المدافع البديل عن الدمار الذي سيلحق بالمنطقة من هذه المجموعات, ومن هنا استجر النظام ميول الانظمة المحيطة للإبقاء عليه بل واقنع المجتمع الدولي بذلك .
وقد ادت هذه الصورة في غياب تماسك الثورة السورية وغياب القيادة السياسية الحكيمة او القيادة العسكرية المنتمية الى تراجع الانظمة عن دعم الثورة السورية , وهذا ما صرح به العميد عدنان الهواش في لقائه مع نوافذ في 25-9-2013 بان السعودية " لم تقدم دعما حقيقيا للثورة السورية ولم تسلم الجيش السوري الحر ريالا واحدا لإسقاط الأسد , ولو كانت السعودية تدعم الثورة لقصر أمد بقاء الأسد في السلطة , وقد ظهر الموقف السعودي من الثورة السورية منذ عدة أيام علي لسان رجل الإعمال السعودي المعروف الوليد بن طلال حين وصف ثورات الربيع العربي بالمرض الخبيث الذي يعاني منه الجسد العربي , وبل انه كان صريحا بالقول لو كنا نريد إسقاط الأسد لكان الأمر قد استغرق عاما علي الأقل وهذا ما يوضح لماذا أحجمت السعودية عن تقديم ريال واحد للجيش السوري الحر" .
وان كان في هذا التصريح مغالطة بعض الشيء الا ان السعودية قدمت عبر نوافذ لها امكانيات على المستوى الفردي الذي يسمح بنمو قنوات محددة على حساب قنوات اخرى الا ان ما تقدمه وقدمته السعودية لا يرقى الى قدراتها ولا الى طبيعة المعركة المدعومة سياسيا وعسكريا بالمليارات من جهات مختلفة .
ولعل السعودية لم تدرك بعد خطر توقف الدعم عن الحرب الدائرة في سوريا , او اعادة انتاج النظام السوري عليها, ولعله من المناسب التذكير بان السعودية جزء من مخطط الغرب الذي يسعى لتقسيمها الى اربعة اجزاء , ولعل الدور الايراني سيكون فاعلا بعملية التقسيم , من خلال مشاركة النظام العراقي وتقديم الدعم العسكري والمالي له , بحيث تصبح المنطقة الشرقية للسعودية تحت حكم البصرة بقيادة شيعية صرفة , وحتى يحدث مثل هذا الامر لا بد من اضعاف النظام السعودي لحساب النظام الايراني وشيعة المنطقة ويمكن ان يكون هذا الاضعاف من خلال ثورة داخلية يليها زحف خارجي على المناطق الضعيفة من السعودية او استقلال هذه المناطق بدعوى طائفية , وهذا سيكلف السعودية كثيرا اذا ما هدأت الثورة السورية لصالح بشار والايرانيين. ولعل الظروف اصبحت مهيأة لمثل هذه الثورة على المستوى الداخلي نتيجة اختناق السياسة السعودية , وتدخل السعودية في القضايا العربية وان كان بما يخدم مصالحها الآنية , الا انه بعيد عن رغبات كثير من الاطراف العربية وميول شعوبها , كما ان الحصار الذي تفرضه السعودية على الكلمة وسجن اهلها و العلماء والمشايخ , و استنزاف الخيرات السعودية لصالح العائلة المالكة والتوزيع غير العادل للثورات , والصراعات الداخلية المختلفة في العائلة , وشيخوخة نظام الحكم , كل هذا يفاقم الوضع السعودي الداخلي ويساعد في بناء التنظيمات السرية في العائلات والقبائل والجيش والامن وغيره , ويسرع من احتمالية الثورة التي ستخدم لا محالة الجانب الايراني والسوري في المنطقة .
ان هذه الاوضاع تتطلب حتما من السعودية ودول الخليج المتاخمة للشط الثاني من الخليج العربي والمقابلة لإيران إعادة النظر بمجريات الاوضاع العربية والعلاقة مع التنظيمات الاسلامية حتى الجهادية منها , والسياسات الداخلية المتعلقة بحرية الكلمة والسماح بالتشكيلات السياسية , والافراج عن معتقلي الرأي والعلماء والمشايخ , وخاصة بعد التحولات الامريكية في المنطقة وبعد انكشاف القدرات الاقتصادية الامريكية التي تجاوز بها الدين العام 100% من الناتج القومي, مما يجعل الولايات المتحدة غير قادرة على خوض حرب او الدفاع عن انظمة المنطقة او حتى الدفاع عن نفسها من التقسيم في قادم الايام . فهل تستجيب السعودية وانظمة الخليج لنداءات المنطقة وشعوبها ؟ ام انها تسير نحو قدرها المخطط له بالتشرذم والانقسام والصراعات الداخلية ؟.
-5التهديد التركي ببناء سور على الحدود السورية
لقد قدمت الحكومة التركية الكثير للثورة السورية, حتى انها بحق اصبحت الراعي الاول لها من الناحية السياسية والعسكرية , وقد عملت الحكومة التركية قدر المستطاع لمساعدة الشعب السوري المهجر واستقباله وبناء المخيمات وتقديم التعليم والدعم الاغاثي من خلال المؤسسات الرسمية والمدنية , وسمحت الحكومة التركية لمنظمات العمل المدني من كافة اقطار العالم القدوم الى تركيا, وتقديم الخدمات للشعب السوري في المخيمات و في الداخل السوري, كما انها غضت الطرف طوال الفترة السابقة عن حركة المقاتلين وحركة السلاح الى سوريا عبر القنوات الرسمية المتفق عليها دوليا . وقد استفادت تركيا من الثورة السورية ببناء العلاقات مع السياسيين والعسكريين السوريين , اضافة الى تنشيط الاقتصاد في مجالي السياحة والتجارة المدنية والعسكرية, كما استفادت في تحسين العلاقات مع السياسيين العرب, الى جانب توطيد العلاقة مع النظام الغربي , كما استطاعت تركيا ترتيب الورقة الكردية خلال الثورة , وكشفت عن طبيعة العلاقة التي تربط بين شيعة لواء الاسكندرونة والنظام الاسدي والايراني , كما استفادت تركيا في توطيد العلاقة مع الاخوان المسلمين - التنظيم الدولي - في المنطقة وفي رعايتها لهم في سوريا وفي مصر وتونس والعراق وقريبا في المنطقة .
اذن نستطيع القول بأن الثورة السورية قدمت لتركيا بمقدار ما قدمت تركيا لها , وقد يكون ما قدمته الثورة اكبر مما قدمته تركيا لها في موازين الربح والخسارة في الاطار الدولي والاقليمي, وخاصة ان الثورة لم تنجز اهدافها المرجوة , في حين توسعت تركيا في دائرة اهدافها المنجزة على حساب الثورة , ويبقى الدور التركي المبذول للثورة السورية ذو اهمية كبرى امام التقاعس العربي عن اداء الدور المفترض عليهم بدعم الثورة السورية ومواصلة اداء هذا الدور .
وبالنظر الى تفاعل الموقف التركي مع الحالة السورية صعودا وهبوطا , فان تركيا قد تخسر كل ما كسبته طيلة الفترة السابقة واكثر منه , وذلك لعدم الدعم العسكري المطلوب لإنجاز الثورة او لعدم المشاركة العسكرية المباشرة في المعركة السورية خاصة بعد اسقاط الطائرة التركية في المياه الاقليمية , اواذا ما استمرت تركيا بالتعامل مع الحالة العربية من خلال واقع الدعم لتنظيم احادي يعمل على الاعداد والاستعداد لمواجهات مختلفة على الساحة العربية , وخصوصا الساحة المصرية , فان تركيا ستخسر الكثير ولو آجلا , وسينظر الى التدخل التركي في الساحة العربية على انه كتدخل الايرانيين, وعندها ستدخل تركيا في صراع مع الواقع الشعبي العربي, في حين ان ما يأمله الواقع العربي هو تعميق العلاقة مع تركيا وخوض الصراع الخارجي في مواجهة المشاريع التي تتآمر على الامة معا . وفي الآونة الاخيرة ونتيجة الممارسات الموجهة والتفجيرات على الارض التركية في الريحانية للواء تحرير الاسكندرونة التركي الجنسية والشيعي المعتقد والسوري الولاء والايراني الدعم , فان الحكومة التركية اوعزت بإجراءات جديدة على الحدود لبناء سور ووضع كاميرات مراقبة واجهزة مسح سينية للسيارات الداخلة على تركيا والخارجة منها وغيرها من الممارسات وصلت حد التدخل بالقصف العسكري لتنظيم القاعدة ردا على قذيفة سقطت خطئا على الحدود التركية .
ان مثل هذه الاجراءات من شأنها ان تشدد على الثورة السورية بشكل عام او بشكل انتقائي , مما يقلل من فعالية الثورة ويحد من قدراتها وقد يعمل على شلها , وخاصة انها تأتي في سياق حصار شامل من المنطقة للثورة , وتأتي في سياق التنسيقات الايرانية الامريكية على الاوراق الايرانية . فهل تعي تركيا ما تقوم به ؟ وهل هو قرار ذاتي ؟ ام انها استجابة لضغوط ومتطلبات المرحلة ؟ ام ان تركيا تشارك المجهود العالمي لضرب الواقع العربي وزيادة اضعافه ؟ ام ان تركيا تعد نفسها بديلا للدور الايراني في المنطقة ؟ ام ستكتفي تركيا بالدور الاقليمي المنوط لها حسب الاتفاقات الايرانية التركية لتوزيع المنطقة العربية اقتصاديا وسياسيا بينهما ؟
6- التقارب السياسي بين الامريكان والايرانيين حول البرنامج النووي الايراني
يثير التقارب الامريكي الايراني في هذا الوقت الكثير من المخاوف في الساحة العربية ويربك الاوراق مرة اخرى في المنطقة , فالعلاقة القوية الامريكية مع الخليج نتجت بفعل تبادل المنفعة بين هذه الدول وبين الولايات المتحدة الامريكية , فالخليج سمح للغرب بكل قواته المساهمة بتحرير الكويت وضرب مقومات العراق في عهد صدام , وسمح للقواعد الامريكية والعسكرية الامريكية للبقاء في الخليج وعلى ارض الجزيرة العربية وسكت الخليج على مضض عن الخداع الذي مورس بحق الخليج والدول العربية عندما سلمت امريكيا العراق لعملاء ايران وجعلته هو وخيراته ونفطه تحت الوصايا الايرانية .
الا ان تحولات الثورة وانتقال الثورة من بلد الى اخر وضع الخليج مرة اخرى في اطار التنسيقات المتسارعة مع الامريكان لحاجتهم العسكرية والامنية لها, وزاد من ارباك الموقف الخليجي في كيفية التعامل مع هذه الثورات ونتائجها والاثار المترتبة عليها على الساحة الخليجية.
وفي الاسابيع الاخيرة وبعد ان حددت ساعة الصفر لضرب النظام السوري لاستخدامه الكيماوي اكثر من مرة ضد شعبه , تفاجأ النظام العربي الذي يراهن بالكامل على الولايات المتحدة ويضع جميع بيضاته في سلتها , ان هذه الضربة قد توقفت ,و ثمة محاورات ومناورات مع النظام الايراني تنم عن نوايا حسنة له في مناقشة برنامجه النووي, واستعداده لتدمير الاسلحة الكيميائية السورية بإشراف دولي , فهل ستكون هذه اللقاءات على حساب الخليج وخططه في المنطقة وعلاقته مع الولايات المتحدة ؟ الشيطان الاكبر من وجهة النظر الايرانية.
ان الكبوات السياسية لدول الخليج في المنطقة قللت من اهمية هذه الدول بنظر المراقبين, كما ان تبعيتها المطلقة للقرار الامريكي جعل منها منقادة ومنفذة لبرنامجه في المنطقة, لا حليفا او ندا يقوم على تبادل المصالح , كما ان فشل الخليج رغم المبادرات المشجعة وبدون مقابل في حل القضية الفلسطينية جعل من هذه الدول مهزلة ليس في نظر شعوبها وانما بين الامم , وسمح للدول الاقليمية بالتطاول على الشعب العربي كله كما تتطاول على انظمتها الهزيلة , كما ان فشل هذه الدول بلملمة الاطراف العربية من حولها في اطار من الوحدة - حتى الوحدة الخليجية نفسها- جعلها مفككة ضعيفة تجابه قدرها في اطار الاختلافات الداخلية , كما ان تسارع هذه الدول لإرضاء العدو الاسرائيلي ومن بعده الامريكي واقامة العلاقات السرية معه افقد هذه الدول المناعة والحصانة الذاتية الداخلية امام شعوبها.
اذن لم تفلح دول الخليج ولا الدول العربية بإقامة وحدة سياسية او عسكرية ولم تطور من طاقاتها البشرية رغم امكاناتها المادية , وبدل ان تراهن على القوى الحية في مجتمعاتها راحت تضرب بيد من حديد رؤوس هذه القوى وتلاحق ابناءها امنيا في الداخل والخارج , حتى وصل الامر الى مهزلة تاريخية اتسمت بسحب الجنسيات من ابنائها لانهم يتعارضون ويختلفون مع النظم السياسية التي تحكم البلاد .
في هذه الاجواء الصراعية تأتي الخديعة - غير معلومة العدد - لدول الخليج من السياسة الامريكية بتوقف الضربة السورية, وتحسين العلاقة مع النظام الايراني الذي يهدد امن ومصالح دول الخليج , وينازعهم على تسميته بالعربي , ويحتل جزر الامارات ويتدخل بشؤونهم الداخلية ويصبحهم ويمسيهم بالتهديد الامني والعسكري , ويبني العلاقات الاختراقية مع تنظيمات سنية المنشأ شيعية الهوى والدعم , فماذا سيعمل الخليج لمواجهة هذه المخاطر ؟ وما هي الخيارات المتاحة له بعد ضياع العراق وانشغال مصر وعدائيته لسوريا ؟ ثم ماذا يعمل الخليج اذا تحولت لبنان والضفة والاردن باتجاه ايران ولو على سبيل الحياد ؟ .
المنطقة تمر بأزمة حقيقية , والتحولات الفجائية وتسارع الاحداث والثورات في كل الاقطار من سماتها , وما عادت الشعوب قادرة على تحمل ما تقوم به الانظمة ولا الحكومات المتعاقبة , وما عادت تستجيب لنداءات السياسيين الحكوميين ولا مشايخهم ولا مفتيهم , وما عادت الامة تخشى القوى الامنية المستبدة في بلدانها ولا الجيوش التي لا تقوم الا بواجب حماية السلطان وقصره وتدمير الشعوب والعمل كإجراء مرتزقة لدى النظام الدولي .
واليوم تحتاج الشعوب لإجابات محددة من الانظمة , وتحتاج الى وقفة صادقة منها ضد اعداء الامة , وهي بحاجة الى ان ترى نماذج حقيقية بهذا , والا فإن الامة ستفرض نموذجها الخاص بها مهما دفعت من اثمان , وستنحي ما تبقى من هذه الانظمة عن مسؤولياتها وتتخلص من ضعفها وكذبها على الشعوب .
لقد اصبحت الامور واضحة جلية في المنطقة , فالاستهداف للامة العربية وخاصة السنة منها , وقد اصبح واضحا استخدام المنطقة بمختلف اشكالها واطيافها واعراقها وطوائفها ضد بعضها بعضا دون ان يخسر الاعداء أي جندي على ارضها , وقد اصبح واضحا ان الدور الوظيفي لهذه الانظمة هو القضاء على شعوب المنطقة بعدما فشلت في حصارها والابقاء عليها في جهلها وخوفها وتبعيتها , وقد اصبح واضحا للامة ان أي شخصية تأتي للحكم لا تمتلك الحصانة الا اذا حققت مصالح الامة جميعها دون ان يكون لها ارتباط مسبق مع قوى الاعداء الاقليمية والدولية .
لقد استفاقت الامة وحددت مسارها وما على الانظمة الا ان تسمع لندائها او ترحل عنها , ان حداء هذه الامة وسرها بات يكمن في كلمة ( ارحل ) للظلم والاستعباد والارهاب والاستعمار والتبعية والارتهان ( ارحل ) لسرقة الاموال والجهل والكفر والضعف , ( ارحل ) للقيد والسجن والسجان والامن والتعذيب والزنزانة والعسكر ( ارحل ) للبوارج والقواعد العسكرية والسفارات المتآمرة والمطارات المتنقلة السرية ( ارحل ) فقد آن الرحيل .
واخيرا : على الثورة السورية ان تتنبه لمجريات الاحداث وان تعود الى ندائها الاولي " ما النا غيرك يا الله "وان تتنبه للمطبات السياسية المرصودة لها في مؤتمر جنيف 2 الذي ليس من مصلحة الثورة وسياسيها ان يحضروه , وان تستمر الثورة بإمكاناتها وقدراتها واتكالها على الله ,وعلى الثوار ان يكونوا بمستوى احتياج الامة لنجاح ثورتهم وان يتعاونوا على الوحدة والتشارك بالإمكانات والجهود من منطلق توحيد الجهود نحو تحقيق الاهداف . وعلى الامة العربية الاسلامية وشعوبها ان تستمر بدعم الثورة السورية بما تستطيع من امكانات وان تجعلها في اولوياتها حتى تنجز الثورة وعدها المنشود بتحرير دمشق من طاغيتها مع الحفاظ على الوحدة السورية . وعلى الانظمة والتنظيمات ان تدرك ان مسارها الطبيعي مع الشعوب واراداتها لا مع القوى الاقليمية او الدولية وعليها ان توقف تسارعها باتجاه المحور الايراني وغيره من المحاور التي تعادي الامة وتهدد امنها , وقد اثبتت الشعوب انها قادرة على الفعل واحداث الفارق في الميزان الداخلي , وهي قادرة على احداث الفارق في الميزان الخارجي , وان هذه الشعوب هي الخزان الاستراتيجي والورقة الرابحة في معادلة النهوض والتحرر المستقبلي وهي الامل المنشود بتحرير المنطقة وتحرير القدس وفلسطين من براثن اليهود .
مستجدات الثورة السورية في الساحة الاقليمية والدولية