الثورة العربية وأباطيل الجماعات الوظيفية كتاب عبد العزيز الريس نموذجا الحلقة الرابع
- بواسطة مؤتمر الأمة --
- الثلاثاء 16 ذو القعدة 1438 18:07 --
- 0 تعليقات
الثورة العربية
وأباطيل الجماعات الوظيفية
كتاب عبد العزيز الريس نموذجا
بقلم: محمد بن مبارك الهاجري
(4)
صوّر أصحاب الخطاب الديني المبدل وسدنة الطاغوت للناس حرمة الخروج على السلطة بأنها من مسائل الاعتقاد المسلّمة؛ وبدّعوا من خالفهم فيها، وحصروا مسائل الإمامة والسياسة الشرعية في تحريم الخروج على السلطة ووجوب طاعة المتغلب والتي بنوا عليها زعمهم بوجوب طاعة الطاغوت ومن جاء به الاحتلال، أما الأصول التي عند أهل السنة والجماعة في مسائل الخلافة والإمامة والسياسة الشرعية؛ كاتباع سنة النبي ﷺ وسنة الخلفاء الراشدين من بعده في باب الإمامة، والتي حثّ النبي ﷺ وأوصى بالتمسك بها وحذر من البدع بعدهافقال: (فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ).([1]) وكالدعوة لوحدة الأمة وإقامة الإمام واختياره، وإعلاء كلمة الله والكفر بالطاغوت والجهاد في سبيل الله والشورى والعدل وتحكيم الإسلام، فهذه عندهم من مسائل الفتن فضلا على أن يدعوا إليها، ومن هؤلاء د. عبد العزيز الريس وجماعته، ولذا أخذ يعيد ويكرر في كتابه حول مسألة الخروج ومسألة الطاعة لمن جاء به الاحتلال ومن يحكم بالطاغوت ويتحاكم إليه، وقد مهّد لقرائه هذا التكرار بقوله: (سيجد القارئ لهذا الكتاب تكرارا في بعض الردود).([2]) فأصبح حديثهم عن مسألة الإمامة والسياسة الشرعية يدور حول قصر الطاغوت وطاعته وحمايته والذود عنه،
كما فعل ابن ريس والجماعات الوظيفية في كتابه الذي سمّاه (الإمامة العظمى تأصيلات أهل السنة السلفيين)! في حين عدّ كتاب (الحرية أو الطوفان) الذي يجدد الخطاب الراشدي وسنن الخلفاء الراشدين في باب الإمامة والسياسة الشرعية من كتب أهل البدع؛ وذلك لنقضه لشبه الدين المبدل وحكم الطاغوت!
ولم يخفِ ابن ريس الغاية من إمامته التي يبشر بها، وما هي إلا جناح وذراع للثورة المضادة اليوم، في الوقت الذي يشن فيه الاحتلال الصليبي ودوله الوظيفية حربه على الشعوب المستضعفة الثائرة على الظلم والطغيان في عالمنا العربي، فقال:(الفساد المترتب على عدم الالتزام بمنهج السلف في أصل الإمامة نراه بأعيننا اليوم فيما يسمى بالربيع العربي).([3])
ابن ريس يساوي بين خلفاء المسلمين والدعاة على أبواب جهنم:
والحقيقة أن طرح مسألة الخروج اليوم في ظل العهد المبدل وسقوط الخلافة وشريعة الإسلام والجدل حولها، ونقل كلام السلف في أئمة الجور في عهد الخلافة وحكم الإسلام وتنزيله على عهد الطواغيت هذا من التضليل؛ فاليوم لا توجد جماعة ولا إمام ولا حكم بالإسلام، وقد أخبر النبي ﷺ عن هذا العصر عصر الطواغيت وحذر الأمة منه بتحذير واضح بين؛ وذلك بعد أن بين الأطوار التي سيمر بها النظام السياسي الإسلامي، كما في قوله: (خلافة على منهاج النبوة، ثم تكون ملكا عاضا، ثم تكون ملكا جبرية، ثم تكون خلافة على منهاج نبوة).([4]) وفي رواية عن أنس: (إنها ستكون ملوك، ثم الجبابرة، ثم الطواغيت).([5])
وفي حديث آخر حذر فيه النبي ﷺ من زمن الفرقة والاختلاف وأنظمة الضلالة التي تسوق من طاعها واتبعها إلى النار، وبين وقت الخير المحض وهو عهد النبوة والخلافة الراشدة، ثم بين زمن الخير الذي فيه دخن وهو عهد الخلافة العامة، ثم زمن الشر المحض وهو عهد الطواغيت والدعاة على أبواب جهنم وهو عهد التفرق وسقوط الخلافة والجماعة والنظام السياسي الإسلامي، قال حذيفة: (يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير شر قال: نعم فقلت هل بعد ذلك الشر من خير قال: نعم وفيه دخن. قلت: وما دخنه قال: قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. فقلت هل بعد ذلك الخير من شر قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. فقلت يا رسول الله صفهم لنا. قال: نعم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت يا رسول الله فما ترى إن أدركني ذلك قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. وفي رواية: (ثم تكون دعاة الضلالة فإن رأيت يومئذ خليفة الله في الأرض فالزمه).([6])فقلت فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)([7])، وفي رواية (قال قلت يا رسول الله أبعد هذا الخير شر قال: فتنة عمياء صماء عليها دعاة على أبواب النار فإن تمت يا حذيفة وأنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم).([8])
فعصر التفرق وتعدد الأمراء والحكام هو عصر فتنة، وإن كان في صدر الإسلام، مع ذلك تترك فيه البيعة كما ثبت ذلك عن السلف والأئمة([9])، فكيف إن كان هذا التفرق بسبب الحملة الصليبية على العالم الإسلامي؛ والتي أنتجت دويلات صنعها الاستعمار على أنقاض الخلافة والجماعة والأمة الواحدة، وجعل فيها أنظمة تتسمى بالإسلام وهي أبعد ما تكون عنه، من أحزاب إلحادية، وأنظمة لادينية وعلمانية وديكتاتورية وملكيات وراثية متفرقة ضعيفة، من أطاعها ساقته إلى طريق جهنم ومن عصاها حاربته!
قال البيضاني في شرح الحديث وأنه يحذر عن متابعة الأمراء عند الفرقة والاختلاف: (أي:إن لم يكن لله في الأرض خليفة، فعليك بالعزلة والصبر على مضض الزمان، والتحمل لمشاقه وشدائده، وعض جذل الشجر -وهو أصله- كناية عن مكابدة الشدائد، من قولهم: فلان يعض بالحجارة لشدة الألم، ويحتمل أن يكون المراد منه أن ينقطع عن الناس، ويتبوأ أجمة، ويلزم أصل شجرة، إلى أن يموت، أو ينقلب الأمر).([10])
وقال الألباني معلقا على حديث حذيفة: (هذا حديث عظيم الشأن من أعلام نبوته r ونصحه لأمته، ما أحوج المسلمين إليه للخلاص من الفرقة والحزبية التي فرقت جمعهم، وشتت شملهم، وأذهبت شوكتهم، فكان ذلك من أسباب تمكن العدو منهم).([11])
وقد أجاب الشيخ الألباني رحمه الله عن شبهة يروجها أصحاب الخطاب الديني المبدل في وجوب طاعة كل من حكم المسلمين اليوم، باسم السنة والعقيدة السلفية فسئل هذا السؤال: (هل يجوز أن نبايع من لا يحكم بما أنزل الله لحديث ابن عمرمن لم يبايع مات ميتة جاهلية، فكيف نبايع الآن مثلا الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله؟ فقال الشيخ: (من قال لك إنه في بيعة اليوم! البيعة لا تكون إلا للخليفة الذي يختاره المسلمون جميعا! فقال السائل:وهل يجوز تعدد حكام المسلمين؟ فقال الشيخ:لا، ما يجوز).([12])
فالعالم الإسلامي اليوم تحت الاحتلال الصليبي المباشر وغير المباشر، وأوجب الواجبات على الأمة اليوم هو دفع هذا العدوان الذي أفسد الدنيا والدين وتحرير البلاد والعباد كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعا فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان).([13])
تحقيق مسألة الخروج عند أهل السنة وإبطال شبه شيوخ الثورة المضادة:
لا يستطيع أصحاب الخطاب الديني المبدل الإنكار صراحة إجماعات أهل السنة وعلماء الإسلام في عدم شرعية الإمام الكافر أو من طرأ عليه كفر فكلهم يقر بذلك في الظاهر، ولكنهم استطاعوا التلبيس على الناس بتنزيل كلام العلماء في ظل الخلافة وحكم الإسلام، على زمن سقوط الخلافة وحكم الطاغوت والكفر البواح ودويلات الاحتلال، من ذلك ما يقرره ابن ريس في كتابه في على شرعية الحكومات التي نصبها الاحتلال على بلاد المسلمين فقال: (قال الدكتور حاكم: (إن الأئمة إنما أوجبوا السمع والطاعة للخلفاء – وإن وقع منهم جور – إذا كانوا خلفاء وأئمة ليس فوقهم سلطة، أما الأنظمة التي جاء بهاالاستعمار أو صنعها على عينه لتنفذ مخططاته، فالطاعة ليست لهم، وإنما هي في واقع الأمر للدول الاستعمارية التي توظفهم في خدمتها). اشترط -يعني د حاكم المطيري- السمع والطاعة للحاكم المسلم القوي الذي لا يخاف من قوى أعظم كفرية، أو لحاكم لا يسير على مخططات الغرب، وهذا اشتراط باطل لسببين: الأول: أن أدلة السمع والطاعة لم تفرق بين المتغلب بنفسه أو بغيره، وكذلك إجماعات أهل السنّة! والسبب الثاني: أن الحكمة التي شرع من أجلها السمع والطاعة تتحقق مع وجود الحكومات بهذه الحالة).([14]) يعني التي يأتي بها المحتل!
وأكد وأعاد ابن ريس - في أكثر من موضع - أن الشرط الوحيد لشرعية الحاكم هو ادعاؤه الإسلام فقط وإن لم يعمل به فقال: (إذا تغلب الحاكم المسلم ثبت الحكم له بما أنه مسلم، ولا ينظر لبقية الشروط).([15]) وأكد أن هذا الأمر ليس تأويلا منه ولا اجتهادا بل عقيدة مجمع عليها فقال: (قرر كثير من أهل السنة في كتب العقائد الإجماع على وجوب السمع والطاعة للحاكم المسلم).([16])
وقرر ابن ريس أن تغيير الشريعة وتعطيلها كلها واستبدالها بحكم الطاغوت كل ذلك لا يقدح في شرعية الحاكم ووجوب طاعته وتقديره وتحريم نقده فضلا عن السعي لتغييره، ومن يخالف في ذلك فهو خارجي من أهل البدع والضلال ومن الذين يستحقون القتل والقتال، قال ابن ريس: (قول حاكم العبيسان: "أو غيّر الشريعة أو عطلها فيجب الخروج عليه بالإجماع". تقدم أن التكفير بهذا قول الخوارج).([17]) وقال أيضا معتذرا لهم: (قد يحكم الحاكم بغير ما أنزل الله مضطرا؛ لأنه لو حكم بما أنزل الله لقام عليه قومه بالتآمر مع دول الغرب الكافرة).([18]) وقال في حكم من يناوئ الطاغوت ويعارضه: (إن كانت المعارضة لإسقاط حكم الحاكم وتفريق الكلمة فإن المعارض يقتل، أو كان المعارض يتبنى عقيدة الخروج على الحاكم المسلم، فإنه يستحق القتل؛ لأنه مبتدع).([19])
ومن تلبيسات ابن ريس والجماعات الوظيفية في وجوب طاعة الطاغوت وتحريم الخروج عليه حتى وإن جاء به الاحتلال، وعدهم الخروج عليهم كله شر إلى يوم القيامة؛ وبناء على ذلك أوصى الشعوب الثائرة بالتخلي عن الثورات والصبر على ولاة الأمر من الطغاة والمجرمين ومن جاء بهم الاحتلال، هذا في الوقت الذي يشن فيه الاحتلال الصليبي ودوله الوظيفية الثورة المضادة والمكر الكبار على الشعوب المستضعفة الثائرة على الظلم والطغيان في عالمنا العربي!
وقد تمسك أصحاب الخطاب الديني المبدل وسدنة الطغاة لترويج باطلهم بعبارة لابن القيم، وجعلوها بمنزلة كلام المعصوم والتي يجب أن تقبل على عمومها الذي أرادوه، ومن يخالفهم فيها يشنعون عليه ويعدونه من أعداء ابن القيم والعلماء! وهذا نص عبارة ابن القيم: (الإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم؛ فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر).([20])
فأنزلوا هذا النص على أنه كلام المعصوم ﷺ، وتعاملوا معه على ذلك واستندوا عليه في ترويج باطلهم وتلبيسهم على الناس، ولم يخطر ببال ابن القيم أنه سيأتي من يستدل بكلامه هذا على تحريم خروج الأمة على الطاغوت ومن حكم به ومن جاء به الاحتلال دائما وابدا إلى يوم القيامة! ولذا استدل ابن ريس بكلام ابن القيم في دعمه للثورة المضادة التي انقلبت على الشعوب المستضعفة، في شيطنة ثورة الأمة على الطغاة فقال: (إن ما يذكره ابن عبد البر وابن تيمية وابن القيم وغيرهم من أهل العلم من الفساد المترتب على عدم الالتزام بمنهج السلف في أصل الإمامة نراه بأعيننا اليوم فيما يسمى بالربيع العربي).([21]) ثم أوصى بقراءة سيرة خلفاء المسلمين وما حصل فيها من حوادث في الخروج والفتن للاستدلال على حرمة الثورات على الطغاة اليوم فقال: (قراءة كتاب مختصر؛ ككتاب (تاريخ الخلفاء) للسيوطي تظهر أمثلة تدل على مفاسد الخروج (الثورة)).([22]) ثم ذرف ابن ريس دموع التماسيح على شهداء المسلمين الذين قتلوا على يدي أولياء أموره من المجرمين والسفاحين فقال: (الفساد المترتب على عدم الالتزام بمنهج السلف في أصل الإمامة نراه بأعيننا اليوم فيما يسمى بالربيع العربي؛ الذي أزهقت فيه أنفس عشرات الآلاف من المسلمين، بل وتجاوزت مائة ألف نفس في دولة مسلمة واحدة، فكيف إذا جمع ضحاياها بضحايا الدول الأخرى).([23]) ولسان حاله يقول {لو أطاعونا ما قتلوا}!
ثم اضطرب ابن ريس كعادته -وهو يحذر من مفاسد خروج الشعوب العربية على الطغاة- أمام سؤال يطارده وهو ينظّر لهذا الكلام المتهافت، ما الجواب على الثورات التي نجحت؟ فإقراره بذلك كفيل لهدم هذه التنظيرات والتأصيلات، فقال ابن ريس مجاوبا على هذه الحجة وهذا الإلزام: (تطرح هذه الشبهة بأسلوب آخر؛ وهو أن هناك ثورات نجحت؛ فإذن لا تحرم جميع الثورات!، وجل هؤلاء يقيسون النجاح بأمور دنيوية وبعضها محرمة كالتوسع في الحريات والتحاكم للديمقراطيات، غير ملتفتين إلى ما تخلفه الثورات من مصائب عظيمة).([24]) ومن شدة حماسة ابن ريس في نصرته للطغاة أنه تناقض أثناء تحذيره الشعوب مما تتطلع إليه من الحريات والديمقراطيات في ثورتها على الديكتاتورية والظلم؛ بزعمه أن الإسلام لا يقر ذلك، مع أنه في نفس الوقت يدعو لطاعة كل من حكم المسلمين بأي نظام كان ويقرهم على ذلك! قال ابن ريس: (لا تقرّ الدولة المسلمة الديمقراطية؛ لأنها مخالفة للشريعة، ولا تقرّ الدولة المسلمة الخروج على حكام المسلمين والثورة عليهم).([25]) ثم صرح ابن ريس بحقيقة إمامته التي يبشر بها وأنها تعلن أن الدعوات والثورات التي تواجه الطغاة كلها باطلة فقال: (أظهر كثير من هؤلاء باطلهم باسم الحرية والحقوق، فخدعوا العامة من الناس، وما علموا أن حقيقة هذه الحرية والحقوق المدعاة إفساد للدنيا وهلاك للدين، فإن الشريعة ما شرعت السمع والطاعة للإمام والسلطان إلا لمصالح العباد).([26])
هكذا بكل وضوح يقرّ ابن ريس في إمامته، أن المطالبة بالحريات والمشاركة السياسية في الحكم ورفض الديكتاتورية كلها داخلة في بند الحريات والديمقراطيات المحرمة في الإسلام بزعمه، وأن المطالبة بالعدل والحقوق ورفع الظلم كل هذه مطالب دنيوية لا قيمة لها، أما الخروج -وهو بيت القصيد- على الديكتاتور ونظامه وحكم الطاغوت ومن جاء به الاحتلال، والتحرر من الاحتلال الخارجي والطغيان الداخلي فهذا؛ محرم مخالف لعقيدة أهل السنة وإجماعهم بزعم ابن ريس والجماعات الوظيفية!
فتوصل هذا السادن إلى أن جميع الأبواب والمنافذ أمام الشعوب المضطهدة للهروب من عذاب الطغاة واستعبادهم مغلقة، إلا طريق الركوع تحت أقدام الطغاة والصبر على الذل والهوان، وكل هذا باسم عقيدة اهل السنة السلفية المجمع عليها!
أما قول ابن ريس أن ثورة الأمة هي سبب الهلاك والدمار؛ فهذا من الدجل والتضليل الذي يمارسه سدنة الطغاة وأتباع الثورة المضادة، وهي كعادة هذه الطائفة في ظلمها للمستضعفين؛ فهم يوجهون سهامهم للمؤمنين ويسكتون عن الكافرين والمحاربين، ويبررون أفعال المجرمين والمنافقين ويمدحونهم، قال ابن تيمية في وصفهم وأمثالهم من أهل البدع: (فمن ناقش المؤمنين على الذنوب، وهو لا يناقش الكفار والمنافقين على كفرهم ونفاقهم، بل وربما يمدحهم ويعظمهم، دل على أنه من أعظم الناس جهلا وظلما، إن لم ينته به جهله وظلمه إلى الكفر والنفاق)!([27])
فمن المعلوم للجميع أن استباحة الأمة الإسلامية اليوم في أبنائها وأوطانها وأموالها هو بسبب هذه الأنظمة التي تحكم المسلمين، فهي إما مع العدو والاحتلال الكافر في شن حروبه على الأمة، أو أنها متخاذلة ضعيفة، وهذا الأمر لا يخفى على كل مبصر، فقد رأينا خذلانهم وحصارهم لأهل غزة والصهاينة يدكون البيوت بالصواريخ على أهلها، ورأينا وقوفهم مع الحرب الصليبية على الشعب الأفغاني وعلى إمارته الإسلامية والتي قتل فيها الملايين من الأطفال والنساء والرجال، ورأينا الفتاوى التي وقفت مع هذه الحملة الصليبية وقمع كل من يفتي بغير ذلك، ورأينا موقف هذه الحكومات الوظيفية ووقوفها الكامل مع الحملة الصليبية الأمريكية الغربية البربرية المعلنة على العراق، والتي راح ضحيتها الملايين من القتلى والمشردين من الأطفال والنساء والرجال، وقد خرجت الفتاوى الرسمية في تأييد هذه الحرب الصليبية!، وقد ملئت السجون بالشباب الذي ناصر إخوانه المستضعفين سواء بالمال أو باللسان أو بالنفس، فهذا الدمار لا دخل للأمة به كما يدعي الكذابون الملبسون! بل إن الأمة اكتشفت أن طاعة هذه الحكومات لم تأت إلا بدمار الشعوب وإهلاكهم؛ وهذه من أسباب الثورة، فالموت مع العزة والكرامة خير من الموت على الذلة والمهانة!
وعندما انتقد د. حاكم عبارة ابن القيم وعدّها من المبالغات؛ وأنها نظرة جزئية لحوادث التاريخ في ما ترتب على الخروج لا نظرة كلية، شنوا عليه حملة شعواء وعدوه من أعداء ابن القيم، ومن هؤلاء ابن ريس حيث قال: (يقال لحاكم العبيسان: قد أبعدت النجعة؛ مما يدل على أن في نفسك شيئا على ابن القيم).([28]) وقال: (ولما كان حاكم العبيسان: سيء الظن بهؤلاء العلماء أبت نفسه إلا التكلف في رد كلامه والتشغيب عليهم).([29]) وقال: (زاد العبيسان على جهله وقاحة في كتابه (الفرقان) بعد إصراره على تخطئة ابن القيم).([30]) وقال: وقال: (لو كانت النظرة الكلية دالة على أن منافع الخروج أكثر لما حرمتها الشريعة، وتقدم ذكر الأدلة الكثيرة وآثار الصحابة والإجماعات على حرمة الخروج).([31])
فبهذا التعصب وهذا الغلو يتعامل مدعي السلفية مع كلام ابن القيم على أنه كلام المعصوم؛ فأي شيء أبقى ابن ريس لغلاة المقلدة ومتعصبة الطوائف والمذاهب! ولكن هذا الاستنفار من سدنة الطغاة ليس حبا في ابن القيم بقدر حمايتهم لهذه العبارة والتي فيها دعم لمشروعهم في نصرة الطغاة والمجرمين.
والرد على تعصبهم واستدلالهم بعبارة ابن القيم بأن الخروج لا يأتي إلا بالشر من وجوه:
أولا: أن ابن القيم أبعد ما يكون عن ما يذهب إليه سدنة الطغاة، من وجوب طاعة الطاغوت والرضا به والصبر عليه ، كيف وهو الذي عرف بحربه على الطاغوت ومن ذلك قوله: (من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول فقد حكم الطاغوت وتحاكم إليه... فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله؛ فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم عدلوا من عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن التحاكم إلى الله وإلى الرسول إلى التحاكم للطاغوت، وعن طاعته ومتابعة رسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته، وهؤلاء لم يسلكوا طريق الناجين الفائزين من هذه الأمة - وهم الصحابة ومن تبعهم - ولا قصدوا قصدهم، بل خالفوهم في الطريق والقصد معا).([32]) فيحمل كلامه على خلفاء المسلمين، لا على الطاغوت ومن يتحاكم إليه كما هي عقيدة ابن ريس.
ثانيا: ابن تيمية وطلابه كابن القيم وابن كثير جاهدوا حكومة غازان التتري وكفروها وكفروا نظامها وعدوهم من الطوائف الممتنعة التي يجب قتالها بالإجماع، مع أن غازان كان يدعي الإسلام وكان الخطباء يدعون له على منابر الجمعة، فهو حاكم مسلم متغلب، ومع ذلك جاهده هؤلاء الأئمة بالسيف واللسان وحرضوا الأمة على جهاده، ولم يخطر ببالهم أن هذا الجهاد من الخروج المحرم والذي يترتب عليه كل شر كما يروجه ابن ريس! وقد قال ابن تيمية كلمة عظيمة في جهادهم تدل على ثقته ووضوح حكم هؤلاء الذين يدعون الإسلام عنده فقال: (إذا رأيتموني من ذلك الجانب مع العدو وعلى رأسي مصحف؛ فاقتلوني).([33]) أما ابن ريس فلو كان معهم لقاتل مع غازان وأوجب طاعته! وقد أشار ابن القيم في نونيته لجهاد غازان وغزوه فقال: (فبقاؤه في الناس أعظم محنة ... من عسكر يعزى إلى غازان).([34])
ثالثا: قولهم: إن الخروج أساس كل شر إلى آخر الدهر، ويدخل في هذا عندهم الطغاة ومن يحكّم الطاغوت ومن جاء بهم الاحتلال، هذا فيه إبطال لحكم شرعي مجمع عليه، وقد دلت عليه النصوص، وهو وجوب الخروج على الحاكم الكافر أو من طرأ عليه الكفر، فإن أقروا بذلك بطلت قاعدتهم.
ثالثا: يرد على هذه الدعوى بأن حقيقة دعوى الأنبياء بأنها خروج على الأنظمة الجاهلية الطاغوتية التي عليها أقوامهم، وكذلك الجهاد في سبيل الله، فهذا نبينا محمد ﷺ خرج على النظام الجاهلي في مكة والذي يحكمه الملأ من قريش، وقد قدم المسلمون المستضعفون تضحيات كثيرة في سبيل هذا التغيير، والذي ترتب عليه بعد ذلك الخير الكبير.
رابعا: ما نراه اليوم في الدول الخمس العظمى (أمريكا، وبريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين) والتي تحكم العالم كلها جاءت بعد ثورات على الملكيات الديكتاتورية، فلا يستطيع عاقل أن يقول إن ما هم عليه اليوم شر مما كانوا عليه.
وأيضا عندكم أن المملكة العربية السعودية هي خير من دول الخلافة الإسلامية ومساوية للخلافة الراشدة، وهي قد قامت على خروج عبد العزيز بن سعود المدعوم من دولة الإنجليز على إمارة ابن رشيد في نجد وما حولها التابع للخلافة العثمانية، وخروجه أيضا على الشريف في مكة، فهل يستطيع أحد منكم القول بأن هذا الخروج جاء بالشر؟
فعبارة ابن القيم اجتهاد منه، ومن انتقدها فانتقاده في محله، ومن انتقدها بأدب وأدلة لا تثريب عليه، وكما قال السلف: (ليس أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي ﷺ).([35]) ونقول ابن القيم حبيب إلينا ولكنّ الحق أحب إلينا.
لكن الباطل والملامة أن تنزل عبارة ابن القيم على الطاغوت ومن جاء به الاحتلال، أو أن ترد أقوال الصحابة وأهل العلم المستندة على النصوص الشرعية مع الطعن بأصحابها كما فعل ابن ريس وسدنة الطاغوت؛ كل ذلك بسبب مخالفتها لأهوائهم وقواعدهم البدعية، ومما ذكره ابن ريس في كتابه من تجاوزات على العلماء وهي كثيرة جدا، منها جرأته على عالم من علماء الصحابة وهو عبد الله بن عمرو واستهتاره بفهمه وعمله بحديث هو من رواته؛ لأنه يبطل تأصيلاته البدعية التي يعتقدها في تعظيم السلطة، وعدم التعرض لها مطلقا ولو اعتدت وظلمت، قال ابن ريس: (فهذا الإجماع يبين خطأ عبد الله بن عمرو لما عمم حديث: "من قتل دون ماله فهو شهيد"... فكيف يفزع منصف لأثر عن صحابي واحد يخالف نصوصا كثيرة).([36]) وقال: (أن هذا الأثر مخالف للأدلة العامة والخاصة الآمرة بالصبر على جور الحاكم وظلمه، والتي أجمع عليها أهل السنة، فهذه مقدمة على فهم عبد الله بن عمرو).([37]) ومن جرأته على الصحابة تخطئته للحسين بن علي على طريقة النواصب؛ وذلك لمخالفته لقواعد ابن ريس البدعية وهي ادعاؤه الإجماع على حرمة الخروج على أئمة الجور، قال ابن ريس: (فخطؤه رضي الله عنه في عدم المبايعة ليزيد).([38])ولم يضلل ابن ريس الحسين؛ لأنه بزعمه أن الحسين تاب ورجع لعقيدة أهل السنة والجماعة، قال ابن ريس: (فدل هذه على أن الحسين يرى بيعة الفاسق كبقية أهل السنة، فإنه أراد بيعة يزيد بن معاوية لكنه قتل).([39]) بخلاف أحد زملائه من الكويت الذين لم يثبت عندهم توبة الحسين؛ فحكم على الحسين بأنه من البغاة، ولكن لإنصافه أنه لم يحكم عليه بأنه من الخوارج؛ لأنه لم يثبت عنده تكفير الحسين ليزيد!([40]) وفي مثل هؤلاء وأهل البدع ممن غلا في مسألة الخروج جاء عن الشوكاني - مع أنه يرى تحريم الخروج على أئمة الجور- التحذير من التعرض والطعن بمن يرى جواز الخروج من أئمة الإسلام كالحسين سيد شباب أهل الجنة قال الشوكاني: (لا ينبغي لمسلم أن يحط على من خرج من السلف الصالح من العترة وغيرهم على أئمة الجور فإنهم فعلوا ذلك باجتهاد منهم، وهم أتقى لله وأطوع لسنة رسول الله من جماعة ممن جاء بعدهم من أهل العلم، ولقد أفرط بعض أهل العلم كالكرامية ومن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب حتى حكموا بأن الحسين السبط - رضي الله عنه - وأرضاه باغ على الخمير السكير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية لعنهم الله، فيالله العجب من مقالات تقشعر منها الجلود ويتصدع من سماعها كل جلمود).([41])
ومن استهتار ابن ريس بأقوال العلماء لمجرد مخالفتهم لما يؤصله من تعظيم الطغاة وطاعتهم قوله في ابن تيمية: (ظاهر كلام ابن تيمية هذا يخالف كلام بقية أهل السنة في كتب العقائد والطاعة للحاكم في غير معصية الله، وقولهم مقدم على قوله).([42]) وقال: (ظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية هذا يخالف النصوص المتقدمة في السمع والطاعة للحاكم مطلقا في غير معصية).([43]) ثم حكم على من يستدل بكلام ابن تيمية في أن أئمة الجور لا يطاعون إلا في طاعة الله؛ فهذا (يدل على أن هذا الرجل صاحب هوى).([44])
فابن ريس أصبح وصيا على أقوال الصحابة وأفعالهم، وجعل بدعته وهواه ميزان الحق والباطل!
فهذه بعض الأمثلة وإلا فهي كثيرة في كتبه من استخفاف بالعلماء والطعن بهم لمجرد مخالفتهم لعقيدته الإرجائية.
أحكام الخروج بالسيف على الإمام وأحواله:
ولإبطال هذا التحريف وهذا التزييف عند الجماعات الوظيفية في توظيف أقوال الفقهاء لطاعة الطغاة، سوف أنقل حالات الخروج التي ذكرها علماء أهل السنة والإسلام لتتبين بها المسألة ويدحض به باطل المحرفين.
فحالات الخروج وأحكامه ثلاثة:
الحالة الأولى:خروج محرم بالنص والإجماع، وهو الخروج على الإمام العدل الذي اختارته الأمة بالشورى والرضا، دون وقوع ما يوجب عزله، فيحرم الخروج عليه ونقض بيعته كما جاء في الحديث النبوي: (من خلع يدا من طاعة لقى الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية).([45]) وأيضا ممن يحرم الخروج عليهم من عهد إليه بالأمر ورضيته الأمة وظهر عدله، أو من تصدى للأمر والأمة في حال فوضى واضطراب، حتى جمعها ولم شعثها ووحدها وظهر عدله وفضله ورضيته الأمة. فهؤلاء من تجب طاعتهم ويحرم الخروج عليهم ونقض بيعتهم، حتى وإن وقع منهم بعض الجور والقصور في خاصة أنفسهم؛ لأنه لا تشترط العصمة في الإمامة عند أهل السنة، ما دام أنه لم يختل ميزان العدل في الرعية، ولم يفش عدوانه على البرية، فيحرم الخروج عليه مراعاة للمقاصد الكلية، كوحدة الأمة، وحفظ دينها وبيضتها، وأمن السبيل، وأما إن ضعف الإمام أو عجز أو طرأ عليه ما يخرجه عن حد العدالة، فالأمة هي التي تعزله بلا سيف ولا فتنة.
فالإمام العادل الذي تختاره الأمة وترضى به، هو الذي أجمع أهل السنة وسلف الأمة على تحريم الخروج عليه بأي حال من الأحوال، فهذا هو الإمام في شرع الإسلام كما قال تعالى لإبراهيم: {قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين}. عن مجاهد قال: (لا يكون إمام ظالما).([46])وقال القرطبي في شروط الإمام: (أن يكون عدلا، لأنه لا خلاف بين الأمة أنه لا يجوز أن تعقد الإمامة لفاسق).([47])
فالإمام العدل هو الذي أجمعوا على طاعته والانقياد له، وتحريم الخروج عليه، أما أئمة الجور فقد اختلف فيهم كما سيأتي.
قال القاضي عياض: (لا يجوز الخروج على الإمام العدل باتفاق).([48]) وقال ابن حزم: (وجوب الإمامة وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيهم أحكام الله ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله ﷺ).([49]) وقال: (الإمام الواجب طاعته مما قادنا بكتاب الله تعالى وبسنة رسول الله ﷺ الذي أمر الكتاب بإتباعها).([50])
ونقل أبو عمرو الداني الإجماع على ذلك فقال: (وواجب الانقياد للأئمة، والسمع والطاعة لهم في العسر، واليسر، والمنشط، والمكره، وإعظامهم، وتوقيرهم، وكذا طاعة خلفائهم، والنائبين عنهم من الأمراء، والقضاة، والحكام، والعمال، والسعاة، وجباة الخراج، والأموال، وسائر من استخلفوه في شيء مما إليهم النظر فيه، ولا يجب الخروج عليه، والمشاقة لهم، وذا مجمع عليه في الإمام العادل المستقيم).([51])
وفي الموسوعة الفقهية: (اتفقت الأمة جمعاء على وجوب طاعة الإمام العادل وحرمة الخروج عليه)([52])، (أما غير العادل فقد اختلف في طاعته).([53]) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والإمام العدل تجب طاعته فيما لم يعلم أنه معصية وغير العدل تجب طاعته فيما علم أنه طاعة كالجهاد).([54])وقال أبو السعود في تفسيره: وقال أبو السعود في تفسير آية الطاعة في التفريق بين طاعة ولاة العدل وأمراء الجور: (وهم أمراء الحق وولاة العدل كالخلفاء الراشدين ومن يقتدى بهم من المهتدين، وأما أمراء الجور فبمعزل من استحقاق العطف على الله تعالى والرسول في وجوب الطاعة لهم).([55]) وقال الحليمي([56]): (الإمام العادل طاعته واجبة، ومخالفته حرام، والثبات على عهده وعقده فرض، وأما الجائر..).([57])ثم ذكر الخلاف في طاعة أئمة الجور.
وقال القرافي: (وعليك طاعة الإمام العادل العارف بالسنة في القتل والحدود وإن لم تعلم ذلك إلا من قوله كقوله تعالى {وأولي الأمر منكم} دون الجائز لقوله ﷺ: (أطيعوهم ما أطاعوا الله فيكم)).([58])
ومن الواجبات للإمام العدل على الأمة أنهم يقاتلون معه على الخارج عليه بغير حق، قال الإمام مالك: (إذا خرج على الإمام العدل خارج وجب الدفع عنه، مثل عمر بن عبد العزيز، فأما غيره فدعه ينتقم الله من ظالم بمثله ثم ينتقم من كليهما).([59]) وقال ابن العربي المالكي: (قال علماؤنا في رواية سحنون: إنما يقاتل مع الإمام العدل سواء كان الأول أو الخارج عليه ؛ فإن لم يكونا عدلين فأمسك عنهما إلا أن تراد بنفسك أو مالك أو ظلم المسلمين فادفع ذلك).([60])
وقال المروذي: (سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن القوم إذا منعوا الزكاة يقاتلون عليها؟ قال: إذا كان إمام عدل قاتلهم عليها، قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: إذا منعوا الزكاة يحاربون مع الإمام العادل، وذهب إلى فعل أبي بكر، رضي الله عنه، قلت لأبي عبد الله: فقالوا للإمام: لا نؤدي، ترى أن يحاربوا؟ قال: إذا كان إمام عدل حاربهم، أو قال: قاتلهم عليها حتى يؤدوا).([61])
وقال أبو بكر الإسماعيلي في عقيدته في بيان بعض أحكام أئمة العدل: (ويرون قتال الفئة الباغية مع الإمام العدل، إذا كان وجد على شرطهم في ذلك).([62]) ويقول أبو عثمان الصابوني في عقيدته: (ويرون قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل).([63])
وقال ابن تيمية: فقال في قتال الخوارج: (وقد اتفقت الصحابة على قتالهم ولا خلاف بين علماء السنة أنهم يقاتلون مع أئمة العدل...لكن هل يقاتلون مع أئمة الجور فنقل عن مالك أنهم لا يقاتلون؟).([64]) ثم ذكر الخلاف في القتال مع أئمة الجور.
وقال ابن بطال: (تأويل (يقاتل من ورائه) عند العلماء على الخصوص وهو في الإمام العدل خاصة، فمن خرج عليه وجب على جميع المسلمين قتاله مع الإمام العدل؛ نصرة له إلا أن يرى الإمام أن يفعل ما فعل عثمان فطاعة الإمام واجبة).([65])
وقال ابن حجر: (وفيه جواز قتال من خرج عن طاعة الإمام العادل... وأما من خرج عن طاعة إمام جائر أراد الغلبة على ماله أو نفسه أو أهله فهو معذور ولا يحل قتاله وله أن يدفع عن نفسه وماله وأهله بقدر طاقته وسيأتي بيان ذلك في كتاب الفتن وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن عبد الله بن الحارث عن رجل من بني نضر عن علي وذكر الخوارج فقال إن خالفوا إماما عدلا فقاتلوهم وإن خالفوا إماما جائرا فلا تقاتلوهم فإن لهم مقالا قلت وعلى ذلك يحمل ما وقع للحسين بن علي ثم لأهل المدينة في الحرة ثم لعبد الله بن الزبير ثم للقراء الذين خرجوا على الحجاج في قصة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث والله أعلم).([66])
وجاء في تعريف الخوارج والبغاة أنهم الذين خرجوا على الإمام العدل، قال الشهرستاني: (كل من خرج عن الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجيا، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين، أو كان بعدهم على التابعين بإحسان والأئمة في كل زمان).([67]) وفي الفقه الحنفي: (الخوارج: قوم من المسلمين خرجوا عن طاعة الإمام العدل بحيث يستحلون قتل العادل).([68])
وعرّف الفقهاء البغاة بأنهم الذين خرجوا عن طاعة الإمام العدل، قال الإمام الشافعي: (فإن كانت لأهل البغي جماعة تكثر ويمتنع مثلها بموضعها الذي هي به بعض الامتناع حتى يعرف أن مثلها لا ينال حتى تكثر نكايته واعتقدت ونصبوا إماما وأظهروا حكما وامتنعوا من حكم الإمام العادل فهذه الفئة الباغية التي تفارق حكم من ذكرنا قبلها فينبغي إذا فعلوا هذا أن نسألهم ما نقموا فإن ذكروا مظلمة بينة ردت فإن لم يذكروها بينة قيل لهم عودوا لما فارقتم من طاعة الإمام العادل).([69]) وقال الرافعي: (الباغي في اصطلاح الفقهاء؛ المخالف للإمام العادل، الخارج عن طاعته بالامتناع عن أداء ما وجب عليه أو غيره).([70]) وقال ابن حزم في تعريفهم: (أرادوا لأنفسهم دنيا فخرجوا على إمام حق).([71]) وقال أبو عمرو الداني: (وليلزم جماعة المسلمين، وقتال الفئة الباغية -وهم الذين يخالفون الإمام العادل- واجب على المسلمين).([72])وفي الفقه المالكي: (عدم الترخيص في القتال الحرام كقتال البغاة والمحاربين الإمام العدل).([73]) وقال ابن مفلح الحنبلي في تعريف البغاة: (وهم القوم الذين يخرجون عن طاعة الإمام العادل ذكره في الرعاية).([74]) وعند الحنفية: (وأما البغاة فقوم مسلمونخرجوا على الإمام العدل ولم يستبيحوا ما استباحه الخوارج من دماء المسلمين وسبي ذراريهم).([75])
الحالة الثانية:خروج واجب بالنص والإجماع، وهو الخروج على ولاية الكافر أو من طرأ عليه كفر في دار الإسلام، أو ظهرت من السلطة الكفر البواح المصادم للشريعة وإن لم يكفر الإمام، أو تركت إقامة أحكام الإسلام وعطلتها، فهذا كله يسقط شرعية الإمام ويوجب عزله أو الخروج عليه، كما دل عليه قوله تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا}. وقال: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين}.
وقال النبي ﷺ في الخروج على الأمراء: (إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان)([76])وفي رواية: (إلا أن تكون معصية لله بواحا).([77]) قال الخطابي: (معنى قوله بواحا يريد ظاهرا باديا من قولهم باح بالشيء يبوح به بوحا وبواحا إذا أذاعه وأظهره).([78]) فكل كفر يظهر ويعلن من السلطة؛ فإنه يسقط شرعيتها.
وقال النبي ﷺ:(ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله، فاسمعوا له وأطيعوا)([79]) وفي رواية (ما أقام فيكم كتاب الله).([80])قال ابن حزم:(الإمام الواجب طاعته مما قادنا بكتاب الله تعالى وبسنة رسول الله ﷺ الذي أمر الكتاب بإتباعها فإن زاغ عن شيء منهما منع من ذلك وأقيم الحد والحق فإن لم يؤثر أذاه إلا بخلعه خلع وولي غيره).([81])وقال القرطبي: (قال آخرون: لا ينخلع إلا بالكفر أو بترك إقامة الصلاة أو الترك إلى دعائها أو شيء من الشريعة، لقوله عليه السلام في حديث عبادة: "وألا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان")([82]).
وقال أبو العباس القرطبي: (قوله: (على المرء المسلم السمع والطاعة)؛ ظاهر في وجوب السمع والطاعة للأئمة، والأمراء، والقضاة. ولا خلاف فيه إذا لم يأمر بمعصية. فإن أمر بمعصية فلا تجوز طاعته في تلك المعصية قولا واحدا، ثم إن كانت تلك المعصية كفرا: وجب خلعه على المسلمين كلهم. وكذلك: لو ترك إقامة قاعدة من قواعد الدين؛ كإقام الصلاة، وصوم رمضان، وإقامة الحدود، ومنع من ذلك. وكذلك لو أباح شرب الخمر، والزنى، ولم يمنع منهما، لا يختلف في وجوب خلعه).([83])
وقال النبي ﷺ: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم)، قيل: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة).([84]) أي ما داموا لم يتركوا الصلاة فإن تركوها وجب قتالهم دون النظر في حكم هذا الترك، ومثل الصلاة بقية شعائر الإسلام بمجرد الامتناع عن الالتزام يوجب إسقاط شرعيتها دون النظر للاعتقاد الباطني كما سيأتي في أحاكم الطائفة الممتنعة. قال النووي في شرح الحديث: (ففيه معنى ما سبق أنه لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق مالم يغيروا شيئا من قواعد الإسلام).([85])
وقال ابن حزم في الإمام إذا امتنع عن إقامة شيء من الواجبات والأحكام: (فان امتنع من إنفاذ شيء من هذه الواجبات عليه ولم يراجع وجب خلعه وإقامة غيره ممن يقوم بالحق لقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}. ولا يجوز تضييع شيء من واجبات الشرائع).([86])
فالإمام إن كفر أو طرأ عليه كفر أو أظهر الكفر البواح، أو عطل شرائع الإسلام وأحكامه، أو أعرض عن حكم الله ورسوله وحكّم الطاغوت، أو استباح المحرمات وامتنع عن الشرائع؛ فلا خلاف بين أهل العلم في إسقاط شرعيته ووجوب القيام عليه إما بعزله أو الخروج عليه. قال ابن المنذر: (أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم أن الكافر لا ولاية له على مسلم بحال).([87])وقال القاضي عياض: (أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل قال وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها... فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب أمام عادل إن أمكنهم ذلك فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه).([88]) وقال: (لا يجوز الخروج على الإمام العدل باتفاق، فإذا فسق وجار؛ فإن كان فسقه كفراً وجب خلعه).([89]) وقال ابن حجر: (ينعزل بالكفر إجماعا فيجب على كل مسلم القيام في ذلك فمن قوي على ذلك فله الثواب ومن داهن فعليه الإثم ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض).([90]) وقال ابن بطال: (إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها).([91]) وقال الرملي([92]): (لو طرأ عليه كفر فإنه يخرج عن حكم الولاية وتسقط طاعته ويجب على المسلمين القيام عليه وقتاله ونصب غيره إن أمكنهم ذلك).([93]) وقال محمد رشيد رضا: (ومن المسائل المجمع عليها قولا واعتقادا أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، "وإنما الطاعة في المعروف"، وأن الخروج على الحاكم المسلم إذا ارتد عن الإسلام واجب، وأن إباحة المجمع على تحريمه؛ كالزنا والسكر واستباحة إبطال الحدود، وشرع ما لم يأذن به الله، كفر وردة، وأنه إذا وجد في الدنيا حكومة عادلة تقيم الشرع وحكومة جائرة تعطله، وجب على كل مسلم نصر الأولى ما استطاع).([94])
فكل سلطة تمتنع عن شعائر الإسلام الظاهرة، ولو شعيرة واحدة وإن أقرّت بوجوبها، أو شرّعت المحرمات المعلومة من دين الإسلام، أو حكمت بغير الإسلام ، أو ظاهرت الكفار على المسلمين، هي داخلة في هذا القسم، وإن ادعت الإسلام، ويجب على الأمة جهادها حتى تدخل في السلم كافة ويكون الدين لله، وهذا ما أجمع عليه الصحابة والتابعون، وقد بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية في أكثر من موضع أن مجرد الامتناع عن أحكام الإسلام وشرائعه أو بعضها؛ فإن ذلك يوجب الردة والقتال دون النظر للاعتقاد الباطني، قال رحمه الله: (وأيما طائفة انتسبت إلى الإسلام، وامتنعت من بعض شرائعه الظاهرة المتواترة، فإنه يجب جهادها باتفاق المسلمين، حتى يكون الدين كله لله)([95]) وقال: (كل طائفة ممتنعة عن شريعة واحدة من شرائع الإسلام الظاهرة، أو الباطنة المعلومة، فإنه يجب قتالها، فلو قالوا: نشهد ولا نصلي قوتلوا حتى يصلوا، ولو قالوا: نصلي ولا نزكي قوتلوا حتى يزكوا، ولو قالوا: نزكي ولا نصوم ولا نحج، قوتلوا حتى يصوموا رمضان. ويحجوا البيت. ولو قالوا: نفعل هذا لكن لا ندع الربا، ولا شرب الخمر، ولا الفواحش، ولا نجاهد في سبيل الله...كما قال تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}. وقد قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} والربا آخر ما حرم الله، وكان أهل الطائف قد أسلموا وصلوا وجاهدوا، فبين الله أنهم إذا لم ينتهوا عن الربا، كانوا ممن حارب الله ورسوله)([96]).
وقال: (يجب بإجماع المسلمين قتال هؤلاء وأمثالهم من كل طائفة ممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة؛ مثل الطائفة الممتنعة عن الصلوات الخمس أو عن أداء الزكاة المفروضة إلى الأصناف الثمانية التي سماها الله تعالى في كتابه أو عن صيام شهر رمضان أو الذين لا يمتنعون عن سفك دماء المسلمين وأخذ أموالهم أو لا يتحاكمون بينهم بالشرع الذي بعث الله به رسوله كما قال أبو بكر الصديق وسائر الصحابة رضي الله عنهم في مانعي الزكاة)([97])وقال: (وقد اتفق الصحابة والأئمة بعدهم على قتال مانعي الزكاة وإن كانوا يصلون الخمس ويصومون شهر رمضان. وهؤلاء لم يكن لهم شبهة سائغة فلهذا كانوا مرتدين وهم يقاتلون على منعها وإن أقروا بالوجوب)([98]) وقال: (كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة ؛ من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه...فعلم أن مجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمسقط للقتال. فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله وحتى لا تكون فتنة. فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب. فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج أو عن التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا والميسر أو عن نكاح ذوات المحارم أو عن التزام جهاد الكفار أو ضرب الجزية على أهل الكتاب وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته - التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها - التي يكفر الجاحد لوجوبها، فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرّة بها، وهذا مما لا أعلم فيه خلافاً بين العلماء، وإنما اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة إذا أصرت على ترك بعض السُنن.. فأمّا الواجبات والمحرمات المذكورة ونحوها فلا خلاف في القتال عليها، وهؤلاء عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغاة... فهم خارجون عن الإسلام ).([99])
وحصل مثل هذا الحال في زمن ابن تيمية مع دولة التتار التي تدعي الإسلام، وقد حكمت المشرق الإسلامي، ودعي لحكامها على المنابر في الجمع، ومن الألقاب التي قيلت لقائد التتار على منبر الجمعة في دمشق في الدعاء له: (مولانا السلطان الأعظم سلطان الإسلام والمسلمين مظفّر الدنيا والدين محمود غازان).([100]) ومع ذلك فقد أبطل ابن تيمية شرعيته وطاعته وأوجب على المسلمين جهاده، وقد ردّ على الجماعة الوظيفية من أصحاب الفقه السلطاني وغلاة المرجئة من أسلاف ابن ريس الذين يوجبون طاعة بحجة أنهم ولاة أمور المسلمين! ومما ذكر فيهم عندما سئل عن الشبه التي يروجونها في شرعية حكومة التتار، فجاء هذا السؤال: ما حكم التتار الذين قدموا سنة 699ه على بلاد الشام واحتلوها، وقد تركوا الكفر وانتسبوا للإسلام، ومعهم العلماء من أهل الفقه والتصوف، وأقاموا بعض شرائع الإسلام، فأجاب شيخ الإسلام قاطعا دابر هذه الشبه الخطيرة التي أثاروها لإضفاء الشرعية على الطغاة فقال: (الحمد لله، كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة؛ من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة. وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم... فعلم أن مجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمسقط للقتال. فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله وحتى لا تكون فتنة. فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب).([101])
وقال: (أهل الفجور والطغيان وذوو الغي والعدوان الخارجون عن شرائع الإيمان طلبا للعلو في الأرض والفساد وتركا لسبيل الهدى والرشاد. وهؤلاء هم التتار ونحوهم من كل خارج عن شرائع الإسلام وإن تمسك بالشهادتين أو ببعض سياسة الإسلام).([102]) وقال: (فإن التتار يتكلمون بالشهادتين، ومع هذا فقتالهم واجب بإجماع المسلمين وكذلك كل طائفة ممتنعة عن شريعة واحدة من شرائع الإسلام الظاهرة، أو الباطنة المعلومة، فإنه يجب قتالها).([103])
فهذا موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من الدويلات التي تبيح المحرمات كالربا والزنا والخمر وغيرها من الكبائر، وتمتنع عن الواجبات الظاهرة كتحكيم الإسلام، ورده على من يروج شرعيتها وطاعتها من أسلاف ابن ريس. بل عدّ شيخ الإسلام الدخول في طاعتهم وأمثالهم من الطوائف الممتنعة وحكوماتها يوجب الخروج من شريعة الإسلام([104]) ثم حذر في السياق نفسه من: (طريقة المرجئة وأمثالهم ممن يسلك مسلك طاعة الأمراء مطلقا وإن لم يكونوا أبرارا).([105])
وقد كشف أمرهم ابن كثير على طريق شيخه فقال: (من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان، الذي وضع لهم الياسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعا متبعا، يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ. ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله r فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير).([106])
وقال العلامة القاضي أحمد شاكر معلقا على كلام ابن كثير ومنزلا له على واقع المسلمين بعد سقوط الخلافة وتحكيم الطاغوت في بلاد المسلمين: (ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالا وأشد ظلما وضلالا منهم لأن أكثر الأمم الإسلامية الآن تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة والتي هي أشبه شيء بذلك الياسق... إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس، هي كفر بواح، لا خفاء ولا مداراة، ولا عذر لأحد ممن ينتسب للإسلام كائنا من كان في العمل بها، أو الخضوع لها أو إقرارها).([107])
وقال: (القضاء في الأموال والأعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام، ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام، بالاحتكام إلى حكم غير حكم الله في كتابه وعلى لسان نبيه r. فهذا الفعل إعراض عن حكم الله، ورغبة عن دينه، وإيثار لأحكام أهل الكفر على حكم الله سبحانه وتعالى، وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل به والداعي إليه).([108])
وقال الشوكاني: (منها أنهم يحكمون بالطاغوت، ويتحاكمون إلى من يعرف الأحكام الطاغوتية منهم، في جميع الأمور التي تنوبهم وتعرض لهم، من غير إنكار ولا حياء من الله ولا من عباده، ولا مخافة من أحد، بل قد يحكمون بذلك بين من يقدرون على الوصول إليه من الرعايا، ومن كان قريبا منهم، وهذا الأمر معلوم لكل أحد من الناس، لا يقدر أحد على إنكاره ودفعه، وهو أشهر من نار على علم. ولا شك ولا ريب أن هذا كفر بالله سبحانه وبشريعته التي أنزلها على رسوله، واختارها لعباده في كتابه، وعلى لسان رسوله ﷺ، بل كفروا بجميع الشرائع من عند آدم عليه السلام إلى الآن، وهؤلاء جهادهم واجب، وقتالهم متعين، حتى يقبلوا أحكام الإسلام ويذعنوا لها، ويحكموا بينهم بالشريعة المطهرة. ويخرجوا من جميع ما هم فيه من الطواغيت الشيطانية ومع هذا فهم مصرون على أمور غير الحكم بالطاغوت والتحاكم إليه، وكل واحد منهم على انفراده يوجب كفر فاعله، وخروجه من الإسلام وذلك مثل إطباقهم على قطع ميراث النساء، وإصرارهم عليه، وتعاضدهم على فعله).([109])
وبمثل ما قرره ابن تيمية أفتى به الشيخ ابن باز على عدم شرعية الدول التي تشرع المحرمات وتمتنع عن بعض الشعائر الظاهرة للإسلام، وأنه متى وجدت دولة الإسلام فيجب أن تقاتلها، وحكم عليهم إن قاوموا فإنهم يكفرون ويقاتلون قتال المرتدين، قال الشيخ ابن باز في جواب على سؤال وجه له: (إذا استفحل الشرك بالله في بعض البلاد والحكم بالطاغوت فبأي شيء يبدأ الجهاد في هذه الحالة؟
فقال: يبدأ أولاً بمناصحة ولاة الأمور([110])وإرشادهم إلى الحق، وتبيين ما يجب عليهم من إقامة أمر الله وتحكيم شريعة الله حتى يرجعوا إلى الرشد، فإن أبوا إلا الاستمرار في الكفر بالله وعدم تحكيم شريعته، فالذين من حولهم من الدول الإسلامية المستقيمة المحكمة لشريعة الله أن تجاهدهم، وللقوة الداخلية من الجيش والمسلمين الأقوياء الذين يستطيعون أن يزيلوا حكم هذا الشخص الكافر حتى يحلوا محله حكم الإسلام لهم ذلك، لقول النبيﷺ لما قال لهم: (سيكون عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، قالوا: أفلا نجاهدهم ؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وقال: حتى تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان).([111])
وقرر مثل ذلك أيضا في شريط الدمعة البازية في الدولة التي لا تحكم بالإسلام
فقال: (يجب على المسلمين إذا كان هناك دولة مسلمة قوية تستطيع أن تقاتل هؤلاء،
لماذا ما يحكم بما أنزل الله، يقاتل قتال المرتدين إذا دافع، مثل ما يقاتل
مانعي الزكاة إذا دافع عنها، فإن قاتل يقاتل قتال المرتدين؛ لأن دفاعه عن الحكم
بغير ما أنزل الله مثل دفاعه عن الزكاة وعدم إخراج الزكاة، بل أكبر وأعظم،
فيكون كافرا، وصرح به الشيخ تقي الدين رحمه الله في هذا،
قال قتاله يكون قتال المرتدين لا قتال العصاة إذا دافعوا عن باطلهم، ذكره رحمه
الله في، أظن كتاب السياسة، لا، ماهو في السياسة، يمكن في التتر، ذكر هذا رحمه
الله أن قتالهم ليس مثل قتال العصاة بل قتال المرتدين، لأن دفاعهم عن المعصية
مثل دفاع مانعي الزكاة في عهد الصديق سواء سواء.
فسأل أحد الحضور الشيخ مقاطعا له: حفظكم الله ـ الآن بالنسبة لمانع الزكاة إذا
قاتل عليها قلنا إنه يقاتل قتال كفر؟
فقال الشيخ: لا شك، لا شك، إذا دافع عن الحكم بغير ما أنزل الله وقال ما أرجع
فهو دفاع المستحل، يكون كافرا.
فقال أحد الحضور: هؤلاء مقطوع بأنهم سيستميتون
…
فقال الشيخ ابن باز: إذا وقع، إذا وقع كفروا، إذا وقع قيل لهم أحكموا بما أنزل
الله وإلا قاتلناكم وأبوا يكفرون، هذا الظن فيهم لا شك، الظن فيهم هو هذا، لكن
بس الحكم بغير الظن، والظن في حكام مصروغيرها الله لا يبلانا ـ هو الظن فيهم الشر والكفر).([112])
فالشيخ ابن باز يرى أن الدول التي لا تحكم بالإسلام وشرائعه هي من الطوائف الممتنعة كما قرره ابن تيمية، ويرى أنه يجب قتالها مع دولة الإسلام إن وجدت إن لم تتب، ويرى الشيخ عدم كفر هذه الطائفة إلا إذا امتنعت وقاتلت، ومهما يكن من اختلاف عند الفقهاء في حكم الطائفة الممتنعة فيما تكفر به ومتى تكفر، وفي شرط وجود إمام المسلمين للتصدي لها، إلا أن الجميع متفقون على عدم شرعيتها وتحريم طاعتها ووجوب إسقاطها وقتالها.
وأيضا الشيخ حمود التويجري عدّ الدول التي تحكّم الطاغوت وتعرض عن شرع الله من الطوائف الممتنعة فقال هي: (ما ابتلي به كثيرون، من اطراح الأحكام الشرعية، والاعتياض عنها بحكم الطاغوت، من القوانين، والنظامات الإفرنجية، أو الشبيهة بالإفرنجية، المخالف كل منها للشريعة المحمدية...وقد انحرف عن الدين بسبب هذه المشابهة فئام من الناس، فمستقل من الانحراف ومستكثر؛ وآل بكثير منهم إلى الردة، والخروج من دين الإسلام بالكلية، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
والتحاكم إلى غير الشريعة المحمدية من الضلال البعيد، والنفاق الأكبر...وما أكثر المعرضين عن أحكام الشريعة المحمدية من أهل زماننا! ولا سيما أهل الأمصار، الذين غلبت عليهم الحرية الإفرنجية، وهان لديهم ما أنزل الله على رسوله محمد ﷺ من الكتاب والحكمة؛ فاعتاضوا عن التحاكم إليهما بالتحاكم إلى القوانين والسياسات، والنظامات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وإنما هي متلقاة عن الدول الكافرة بالله ورسوله، أو ممن يتشبه بهم ويحذو حذوهم، من الطواغيت الذين ينتسبون إلى الإسلام، وهم عنه بمعزل. وأقبح من فعل المنافقين ما يذكر عن بعض أهل زماننا أنهم قالوا. إن العمل بالشريعة المحمدية يؤخرهم عن اللحاق بأمم الإفرنج، وأضرابهم من أعداء الله تعالى: وهذه ردة صريحة. والله المسؤول أن يقيض لأهلها، ولكل من لم يرض بأحكام الشريعة المحمدية، من يعاملهم معاملة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه لإخوانهم من قبل).([113])
ويقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الرسائل الشخصية: (إن هؤلاء الطواغيت الذين يعتقد الناس فيهم وجوب الطاعة من دون الله كلهم كفار مرتدون عن الإسلام كيف لا.. وهم يحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله ويسعون في الأرض فسادا بقولهم، وفعلهم وتأييدهم؟ ومن جادل عنهم أو أنكر على من كفَّرهم، أوزعم أن فعلهم هذا ولو كان باطلاً، فلا يخرجهم إلى الكفر فأقل أحوال هذا المجادل أنه فاسق لأنه لا يصح دين الإسلام، إلا بالبراءة من هؤلاء وتكفيرهم).([114])
وجاء في فتوى اللجنة الدائمة عن شرعية الدول التي لا تحكم بالإسلام وقوانينه والتي يلقبها ابن ريس ومن على طريقته بدول التوحيد والسنة: (س1: لعلكم على علم بأن حكومتنا علمانية لا تهتم بالدين، وهي تحكم البلاد على دستور اشترك في ترتيبه المسلمون والمسيحيون، هناك يرد السؤال: هل يجوز لنا أن نسمي الحكومة بحكومة إسلامية أو نقول إنها كافرة؟
الجواب: إذا كانت تحكم بغير ما أنزل الله فالحكومة غير إسلامية وبالله التوفيق).([115])
وقد سئل الشيخ صالح آل الشيخ وزير الأوقاف الحالي في المملكة العربية السعودية عن حكم ثوار الجزائر ضد الانقلاب العسكري سنة 1995م: (هل الثوار الذين في الجزائر هل يعتبرون من الخوارج ؟ فقال: لا يعتبرون من الخوارجلأن دولتهم هناك دولة غير مسلمة، فليسوا من الخوارج ولا من البغاة، وإنما الكلام معهم في مسألة هل هذا فيه مصلحة أم لا).([116])
وقال الشيخ ابن باز في كتابه نقد القومية العربية: (كل دولة لا تحكم بشرع الله، ولا تنصاع لحكم الله، ولا ترضاه فهي دولة جاهلية كافرة، ظالمة فاسقة بنص هذه الآيات المحكمات، يجب على أهل الإسلام بغضها ومعاداتها في الله، وتحرم عليهم مودتها وموالاتها حتى تؤمن بالله وحده، وتحكم شريعته، وترضى بذلك لها وعليها).([117])
وقال الشوكاني في البلاد التي تحكم الطاغوت وتتحاكم إليه وتعرض عن حكم الله: (ولا شك ولا ريب أن هذا كفر بالله سبحانه وتعالى وشريعته التي أمر بها على لسان رسوله r، بل كفروا بجميع الشرائع من عند آدم عليه السلام إلى الآن، وهؤلاء جهادهم واجب وقتالهم متعين، حتى يقبلوا أحكام الإسلام ويذعنوا لها، ويحكموا بينهم بالشريعة المطهرة، ويخرجوا من جميع ما هم فيه من الطواغيت الشيطانية، ومع هذا فهم مصرون على أمور غير الحكم بالطاغوت والتحاكم إليه وكل واحد منها على انفراد يوجب كفر فاعلها وخروجه من الإسلام).([118])
وقال الشيخ ابن عثيمين: (إن الذين يحكمون القوانين الآن، ويتركون وراءهم كتاب الله وسنة رسوله ﷺ ما هم بمؤمنين... وهؤلاء المحكمون للقوانين لا يحكمونها في قضية معينة خالفوا فيها الكتاب والسنة، لهوى أو لظلم، ولكنهم استبدلوا الدين بهذا القانون، وجعلوا هذا القانون يحل محل شريعة الله، وهذا كفر؛ حتى لو صلوا وصاموا وتصدقوا وحجوا، فهم كفار ما داموا عدلوا عن حكم الله ـ وهم يعلمون بحكم الله ـ وإلى هذه القوانين المخالفة لحكم الله... فلا تستغرب إذا قلنا: إن من استبدل شريعة الله بغيرها من القوانين فإنه يكفر ولو صام وصلى؛ لأن الكفر ببعض الكتاب كفر بالكتاب كله، فالشرع لا يتبعض، إما تؤمن به جميعا، وإما أن تكفر به جميعا، وإذا آمنت ببعض وكفرت ببعض، فأنت كافر بالجميع، لأن حالك تقول: إنك لا تؤمن إلا بما لا يخالف هواك. وأما ما خالف هواك فلا تؤمن به. هذا هو الكفر. فأنت بذلك اتبعت الهوى، واتخذت هواك إلها من دون الله. فالحاصل أن المسألة خطيرة جدا، من أخطر ما يكون بالنسبة لحكام المسلمين اليوم، فإنهم قد وضعوا قوانين تخالف الشريعة وهم يعرفون الشريعة، ولكن وضعوها ـ والعياذ بالله).([119])
فهذه الحالة هي التي يجادل عنها ابن ريس ويلبس فيها الحق بالباطل {ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا}.
ويبقى الحالة الثالثة للحلقة القادمة..
وللحديث بقية مع الثورة العربية وأباطيل الجماعات الوظيفية!
( ([1]رواه الترمذي (2676) وقال هذا حديث صحيح، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة ( 42 ).
2)) ص 19.
( ([3]ص16.
4)) مسند أحمد (18406) والسلسلة الصحيحة ح 5.
5)) مصنف ابن أبي شيبة (31206) باب ما ذكر من حديث الأمراء.
6)) مسند أحمد (23425) صحيح الجامع (2295).
7)) البخاري (3606) ومسلم (1847).
8)) رواه أبوداود (4248).
9)) راجع الحلقة الأولى من هذا الرد.
10)) تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (3/329) والبيضاوي هو القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر (ت 685هـ).
11)) السلسلة الصحيحة (6/541).
12)) سلسلة الهدى والنور (337) وفي اليوتيوب بعنوان (الألباني البيعة للخليفة الذي يختاره المسلمون فقط).
https://www.youtube.com/watch?v=rlE2yAIH6O0
13)) الفتاوى الكبرى (5/538).
(14) ص 407.
15)) ص 109.
( ([16]ص39.
17)) ص348.
18)) ص 89.
19)) ص356.
(20) إعلام الموقعين عن رب العالمين (3/12).
( ([21]ص16.
( ([22]ص179.
( ([23]ص16.
( ([24]ص180.
15)) ص 232.
16)) ص73.
( ([27]منهاج السنة (4/374).
( ([28]ص388.
( ([29]ص388.
( ([30]ص387.
( ([31]ص387.
32)) إعلام الموقعين (1/40).
( ([33]البداية والنهاية (14/28).
( ([34]ص364.
( ([35]حلية الأولياء (3/300).
( ([36]ص213.
( ([37]ص211.
( ([38]ص158.
( ([39]ص160.
( ([40]مقطع صوتي على برنامج اليوتيوب بعنوان: (فيصل قزار: الحسين وابن الزبير من أهل البغي).
( ([41]نيل الأوطار(7/208).
( ([42]ص91.
( ([43]ص90.
( ([44]ص93.
45)) رواه مسلم (1851).
46)) تفسير الطبري (2/20).
47)) تفسير القرطبي (1/270).
48)) إكمال المعلم (6/246).
49)) الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/72).
50)) الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/84).
51)) الرسالة الوافية ص241
52)) الموسوعة الفقهية الكويتية (6/226).
53)) الموسوعة الفقهية الكويتية (38/261).
54)) مجموع الفتاوى (29/196).
(55) تفسير أبي السعود (2/193).
56)) قال الذهبي: القاضي العلامة، رئيس المحدثين والمتكلمين بما وراء النهر، أبو عبد الله، الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الشافعي،أحد الأذكياء الموصوفين، ومن أصحاب الوجوه في المذهب، أخذ منه أبو عبد الله الحاكم، توفي سنة 403ه.
(57) شعب الإيمان للبيهقي (10/12).
58)) الذخيرة (12/80).
59)) أحكام القرآن لابن العربي المالكي (4/153).
60)) المصدر السابق.
61)) أحكام أهل الملل والردة للخلال ص487.
62)) ص50.
63)) ص25.
64)) منهاج السنة (6/71).
65)) شرح البخاري (5/128).
66)) فتح الباري (12/301).
67)) الملل والنحل (2/113). وانظر كتاب (أهل السنة والجماعة) و (إعلام أهل الشام بالخروج على النظام) للشيخ د.حاكم المطيري.
68)) العناية شرح الهداية (3/106).
69)) الأم (4/218).
70)) العزيز شرح الوجيز (11/69).
71)) المحلى (11/97).
72)) الرسالة الوافية ص257
73)) منح الجليل شرح مختصر خليل (1/453).
74)) المبدع (7/469).
75)) البحر الرائق (5/150).
76)) صحيح البخاري (7056).
77)) صحيح ابن حبان (4566).
78)) فتح الباري (13/8).
79)) رواه مسلم (1838).
80)) مسند أحمد (16649).
81)) الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/84).
82)) تفسير الطبري (1/271).
83)) المفهم (12/89).
84)) رواه مسلم (1855).
85)) شرح مسلم (12/243).
(86) الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/135).
( ([87]أحكام أهل الذمة لابن القيم (2/787).
88)) شرح النووي (12/229).
89)) إكمال المعلم (6/246).
90)) فتح الباري (13/123).
91)) فتح الباري (13/7).
92)) شمس الدين المنوفي الأنصاري يلقب بالشافعي الصغير ومجدد القرن العاشر توفي سنة 1004ه.
93)) غاية البيان شرح زبد ابن رسلان ص15.
94)) تفسير المنار (6/303).
95)) مجموع الفتاوى (28/399).
96)) مجموع الفتاوى (22/51).
97)) مجموع الفتاوى (28/557).
98)) مجموع الفتاوى (28/519).
99)) مجموع الفتاوى (28/502).
100)) النجوم الزاهرة في ملوك مصر (8/125).
101)) مجموع الفتاوى (28/501).
102)) مجموع الفتاوى (28/399).
103)) مجموع الفتاوى (22/51).
104)) مجموع الفتاوى (28/511).
105)) مجموع الفتاوى (28/508).
106)) تفسير ابن كثير (3/131).
107)) عمدة التفسير (1/697).
108)) تفسير الطبري (10/384).
109)) الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني (11/5752).
110)) أي بحكم الواقع ؛كما يدل عليه آخر الجواب حيث أثبت عدم شرعيتهم، وللشيخ فتوى صوتية يصف الطاغية حافظ الأسد بولي الأمر مع أنه يكفره ويكفر نظامه.
111)) شريط مسجل للشيخ ابن باز من (أسئلة الجامع الكبير) وهو مرفوع على اليوتيوب.
112)) شريط مسجل للشيخ ابن باز بعنوان (الدمعة البازية).
113)) الدرر السنية (16/228).
114)) الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية (1/127).
115)) فتوى رقم (7796) برئاسة الشيخ ابن باز.
116)) شرح العقيدة الواسطية الصوتي.
117)) مجموع الفتاوى لابن باز (1/305).
118)) الرسائل المنيرية رسالة (الدواء العاجل في دفع العدو الصائل) ص12.
119)) شرح رياض الصالحين (2/261).
الثورة العربية وأباطيل الجماعات الوظيفية كتاب عبد العزيز الريس نموذجا الحلقة الرابع