القضية الفلسطينية الواقع والتحديات وامكانية الحل في ظل الثورة العربية د عبدالله ابو السمن 2
- بواسطة مؤتمر الأمة --
- الجمعة 09 ربيع الأول 1435 22:20 --
- 0 تعليقات
القضية الفلسطينية الواقع , والتحديات , وامكانية الحل في ظل الثورة العربية
واقع القضية الفلسطينية والمخاطر الستة (2)
د عبدالله ابو السمن
6-1-2014
كما ان الحكم على مواقف الافراد والتنظيمات والحكومات والدول يأتي من خلال النظرة الشمولية لهذه المخاطر فالتنظيمات التي تتبع دولا ذات خطر عسكري او ثقافي على الامة , هي بعداد التنظيمات المعادية من حيث تبعية الافكار والاهداف لا من حيث النيات والشخوص, مع احتمالية التحول الممكنة للنيات والشخوص ليكونوا بدائرة العداء لهذه الامة , فمثلا التنظيمات والجبهات اليسارية التي عملت من اجل تحرير فلسطين وأرادت رفع كفاءة ابناء الشعب الفلسطيني في المجالات المختلفة من خلال تبنيها للنظرية الماركسية او الماوية وتوثيق العلاقة بالاتحاد السوفياتي , اصبحت جزءا من حالة التقسيم الداخلية للشعب الفلسطيني واصبحت مغربة فكريا عن مصادر حضارتها وقيمها واخلاقها واصبحت جزءا من معضلة الاصلاح , علما انها لم تحدث فارقا بمجريات الاحداث على القضية الفلسطينية سواء تحريرا او تغييرا اضافة لضياع الوقت الزمني المتعلق بسيادة العمل الماركسي في المنطقة والعمل على معالجة اثاره والتخلص منها .
كما ان التنظيمات التي تبنت النظرة القومية والتي وصلت بفترة ما الى حكم اهم واكبر البلاد العربية – العراق والشام ومصر - عاشت بحالة تبعية للشرق والغرب ومارست الارهاب والتضليل للشعوب وابقت على التجزئة وخسرت امام العدو الصهيوني وواجهت التمدد الاسلامي بدل ان تواجه الافكار المتغربة عن الامة مع ان اطروحتها العامة تطالب بالوحدة العربية وتنادي بمواجهة العدو الصهيوني الا انها بقيت باطار الشعارات دون الممارسات او دون المستوى المطلوب والفاعل لإحداث فارق باتجاه قضايا الامة المصيرية ومواجهة المخاطر المتنوعة التي تستهدفها.
حتى التنظيمات الإسلامية اليوم سواء التي انتهجت العمل الاصلاحي او التي انتهجت العمل الجهادي عانت من غياب النظرة الشمولية وعانت من التجزئة والعمل القطري ولم توزع الادوار فيما بينها بظل قيادة موحدة وعانت من اشكالية العمل من خلال الانظمة ولا زالت
تراوح مكانها رغم عقود من العمل والبناء التنظيمي ووقوف معظم ابناء الامة من خلفها مساندين لها طمعا بالعودة الى امجادهم السابقة بحماية حياض الامة واظهار عزتها وبناء كرامتها ومجدها مهما احتاج ذلك من تضحيات .
ومع ذلك لا زالت هذه المكونات والبنى التنظيمية الثلاث فاعلة على الارض ولها من يؤيدها ويدافع عنها على اختلاف حجومها اضافة الى المكون الرابع وهو الشعوب في المنطقة التي لم تتبع أي من التنظيمات , ومكون خامس وهو الانظمة والاحزاب الحاكمة واتباع هذه الانظمة , مع وجود حالة التجزئة بداخل كل مكون واختلاف المكونات الخمس السابقة بالمعتقدات والافكار والاجراءات والوسائل والاساليب والتطلعات, مما ادى الى حالة تجزئة صراعية دائمة وصلت الى حد التصادم والتآمر بين هذه المكونات مع اعداء الامة في الداخل والخارج على بعضها البعض وجعل اغلبها اداة لمخططات العدو اكثر منها اداة للتحرير والنهوض , وجعلها طريقا معبدة لأعداء الامة من اجل اختراقها لا سياجا منيعا لحمايتها, وجعل منها ابواقا تضليلية تخريبية لا ابواقا اصلاحية بنائية , واصبحت الامة في حيرة من امرها من هذه التنظيمات زاد منها الكذب والنفاق وانكشاف العلاقات الخفية مع الاعداء والممارسات التي تتوافق مع مخططات الغرب والتي يمارسها ابناء هذه المكونات .
ان هذه الحال التي تعيشها الامة تضعنا امام معضلات صعبة تحتاج الى جهد في التوضيح والبحث :
ما بين هو موجود من تنظيمات ونظم تعمل بغير فعالية لذر الرماد في العيون , اوهي مدخلا من مدخلات مخططات العدو بعلم او دون علم, وما بين الحاجة لبناء اطر جديدة تتعايش مع القائم منها او تتصارع معها سعيا لتغييرها , او طرح افكار على المستوى التغييري لاستغلال القائم وتوجيهه نحو الاهداف المرجوة لنهضة الامة وتحرير اراضيها .
وتضعنا امام معضلة اخرى في كيفية التعامل مع انظمة التبعية والى أي مدى سيصل التدافع معها هل يصل الى المواجهة المباشرة المسلحة ؟ ام يبقى باطار الاصلاح ؟ وهل يمكن ان يحدث ذلك من خلال البرلمانات والحكومات وتغيير الدساتير ؟ ام بالدفع بقوة الشعوب بمواجهة الانظمة ؟ وهل النتائج المرجوة بكل حالة تساوي او تستحق الخسائر؟ وهل يمكن ان تكون الخسائر مزيدا من التقسيم والتشرذم والصراعات الداخلية التي تهلك الامة وتقوي اعداءها ؟وهل من سيتسولي بعد هذه الصراعات على الانظمة سيكون منطلقا من احتياجات ومنهاج وحضارة الامة ام من احتياجات اعدائها ؟.
كما تضعنا امام معضلة اخرى كيف يمكن ان تتحرر فلسطين من العدو الصهيوني الغاشم؟ مع بقاء الانظمة على ما هي عليه من حماية لحدوده , وتقديم المعلومات الامنية له, ومواجهة القوى الحية التي تريد ان تتخلص منه , ومع تنامي قوة العدو وتماسك احلافه في غياب كامل لمشروع الامة ووحدتها وزيادة انشغالها بالإصلاحات والثورات .
ومعضلة اخرى هل يمكن للأنظمة التي تعادي شعوبها وترهبها ان تدافع عن ذاتها امام استهداف الواقع العسكري والثقافي الخارجي لها واحدة تلو الاخرى دون هذه الشعوب ؟ وهل اعدت لمثل هذه المواجهة ؟
وبالتالي تمثل هذه المعضلات اوراقا ضاغطة لصالح العدو وليس لصالح القضية الفلسطينية التي هي محور البحث ومحور العمل سعيا لتخليصها من الاعداء رغم تكالبهم من الخارج وتواطئ الداخل معهم .
وكي لا ييأس البعض من حجم المأساة التي نعاني منها كشعب فلسطيني تحت الاحتلال جراء تماسك قوى الاعداء وضعف مكونات الامة , علينا ان نبحث عن مكامن القوة التي تخدم قضايا الامة و القضية الفلسطينية كجزء من مكونها العربي الاسلامي, وبنفس الوقت تخدم المكون العربي كجزء من مكونه الاسلامي , وتخدم المكون الاسلامي بما يعود بالنفع عليه وعلى مكونه العربي ومكونه الفلسطيني , وبالتالي نوازن بين كثير من الاطروحات التي تسعى لخدمة الامة من داخلها كجزء من كل لا كأجزاء مفرقة , وكفعاليات متكاملة لا متعارضة او متصارعة , وكقوى تسير نحو الهدف العام لا تسير لأهدافها الخاصة , وتحترم الكل من خلال الخطة العامة واهداف الامة وليس فقط البنى التنظيمية والمكونات الجزئية .
ان هذه النظرة على صعوبة تحققها الا انها ممكنة الحدوث وهي احتياج دائم اثبتته الوقائع لتكالب الاعداء ,وصعوبة المعركة, وضعف الاجزاء القطرية كلها واحتياجها للوحدة ,اضافة الى تطور القدرات والخبرات وتطور الامكانات البشرية والمادية والعلمية في المتفرقة في داخل الامة , وزيادة ارتباط الافراد والشعوب بالعمق الاسلامي والانطلاق من ابعاده النظرية بادارة المعركة في الواقع العربي والفلسطيني وهذا ما سيجعل من الوحدة , والبحث عن قيادة قادرة على جمع شتات الناس تحت عباءة مشروع واضح وخطة عمل , حاجة ومطلبا يسعى له الجميع.
ان طرح المخاطر الستة على طاولة البحث وقائمة المعالجة يدفعنا لتوجيه مسار العاملين لمعالجتها وبنفس الوقت يحتم علينا التوحد للمواجهة, فهل سيطلب ذلك منا توحيدهم بناء على
الاطر التنظيمية المتفرقة اصلا ام انه يستلزم منا توحيد جهودهم نحو الهدف ؟ وهل يمكن ان يتوحدوا اصلا على هدف محدد معا؟
يستلزم لمعالجة هذا الامر ضرورة التواصل الدائم والبناء بين من يحملون مسؤولية التغيير ويحملون همه ويضحون له من كافة البنى التنظيمية والمجتمعية حتى يجدوا نقاط الالتقاء ويمتنوا عرى الترابط بين الافراد من جهة وبين البنى من جهة اخرى او على الاقل استكشاف امكانية حدوث هذا الترابط من خلال العمل الميداني الذي يقود للتوحد و الوحدة الشاملة .
ان الاشارة الى المخاطر الستة توضح اهمية القضية الفلسطينية كفاعل في القضايا الاخرى في المنطقة ويوضح فاعلية القضايا الاخرى في القضية الفلسطينية من خلال الترابطات البنيوية على المستوى الداخلي والخارجي للقضية , وهذا يتطلب مزيدا من التوضيح لطبيعة القضية الفلسطينية بشكل تفصيلي على المستوى الاسلامي للقضية و التذكير بتاريخية القضية وارتباطها بعزة الامة وذلتها ,ومناقشة قانونية القضية على المستوى الدولي الى جانب امكانيات الشعب الفلسطيني وقدراته وخبراته واحتياجاته , وبالتالي الوصول الى خياراته في ادارة الصراع على مستوى الداخل و الخارج الفلسطيني وعلاقة ذلك بالدائرة العربية والاسلامية وامكانية بناء خطة عمل وبرنامج مقترح للتعامل مع القضية يشمل الاساليب والوسائل والامكانات المتاحة للعمل واعادة احياء القضية الفلسطينية كمكون اساسي من مشكلة المنطقة و سبل الحل .
يتبع بإذن الله
القضية الفلسطينية الواقع والتحديات وامكانية الحل في ظل الثورة العربية د عبدالله ابو السمن 2