القضية الفلسطينية الواقع والتحديات وامكانية الحل في ظل الثورة العربية د عبدالله ابو السمن
- بواسطة مؤتمر الأمة --
- السبت 03 ربيع الأول 1435 17:56 --
- 0 تعليقات
القضية الفلسطينية الواقع , والتحديات , وامكانية الحل في ظل الثورة العربية
واقع القضية الفلسطينية والمخاطر الستة (1)
د عبدالله ابو السمن
1-1-2014
عند مناقشة واقع القضية الفلسطينية لا يمكن عزلها عن بعدها العربي والاسلامي اقليميا ودوليا ولا يمكن فصلها عن الظروف القائمة لأنها تتأثر وتؤثر بكل الاحداث المحيطة بها ,وغريب هذه القضية التي مضى على احتلالها100 عام هو ان كل القضايا في القرن الماضي تدخل المجتمع الدولي لحلها, سواء بالتوافق او الحل العسكري او الرجوع الى المربع الاول او فرض الامر الواقع , الا هذه القضية فقد انتهت عصبة الامم , وتكاد تنتهي هيئة الامم , وحدثت حروب عالمية واقليمية ومحلية وما تزال هذه القضية معلقة اوراقها على جدران البحث والتقصي تعاني تحت وطأة التآمر والفيتووالحصار والاستضعاف والفرقة والتخلف والارهاب الدولي .
ورغم الجهود المبذولة من الشعب الفلسطيني الذي تنبه مبكرا للخطر الصهيوني قبل سقوط الخلافة العثمانية والجهود العربية فيما بعد , ورغم الثورات الداخلية بعد الحرب العالمية الاولى, الا انها لم تنجز تحررا للشعب ولا تحريرا للأرض , وذلك لغياب المشروع الفلسطيني المتكامل والمترابط عربيا واسلاميا , ولعدم وضوح ابعاد القضية الفلسطينية وتحديد موقعها من اشكالات الواقع العربي والدولي , وللمؤثرات الاقليمية التي تعبث بالحالة الفلسطينية من خلال ربطها بالدعم واحتياجات الشعب سواء في حالةالثورة او في حالة الاستقرار , ولا يمكن ان ننسى الجهود الدولية الداعمة والحامية للمشروع الصهيوني ليبقى اداة فاعلة لتقسيم المنطقة وادامة اشغالها واضعافها واثارة الصراعات ما بين اطرافها , مما ادى الى تبديد الجهود واضاعة الوقت واستنزاف الطاقات والثروات .
ان تحديد موقع القضية تحديدا دقيقا يوضح اهميتها وثقلها من بين القضايا الاخرى يسهل على العاملين القيام بواجبهم تجاه تحرير الارض والشعب واستعادة ما سلب عبر العقود الطويلة ليس فقط في مجال الارض والجغرافيا ولكن في مجال الدين والكرامة استعدادا للنهضة والتحرر والسيادة .
ان الناظر المستبصر بما يجري في الساحة الدولية والاقليمية والعربية يدرك ان هذه المنطقة تقع تحت عين المغتصبين والمتصارعين والناهبين وانها دائمة الاستهداف كما يدرك أن الصراعات الطويلة على هذه الارض اكسبت المغتصبين خبرة في آلية التعامل مع شعوبها ومما لا شك فيه ان استمرار الحملات وجمع المعلومات وكيفية تعامل أهل المنطقة بمواجهة الاعتداءات قدمت اضافة معرفية جديدة عن كيفية السيطرة واحكام هذه السيطرة على هذه المنطقة .
ومما لا شك فيه ايضا ان اليهود والصهيونية العالمية بما يحملونه من معتقدات يدرسونها من خلال تلمودهم اضافة للصراعات التاريخية بينهم وبين المسلمين منذ عهد المدينة الاول هي التي تدفعهم لتحريك القوى العالمية بكل عصر لإنهاء وجود هذه الامة ونهب خيراتها واستنزاف طاقاتها للإبقاء على حالة الضعف والهزال المزمن لها ولتقسيم اجزائها ما بين القوى العظمى حتى لا تجد مجالا للوحدة او التوحد لمواجهة الاخطار المحدقة بها .
ولعل البحث في الاخطار القائمة في واقع الامة منالداخل او القادمة من الخارج يكشف لنا عنها , ويساعدنا لوضع برنامج يفسر لنا ما نعانيه من معضلات , ويقدم لنا نظرة عن مكامن الخلل في سلوكياتنا و آليات معالجة قضايانا ,ويوضح لنا من نعاديه ولماذا – أي يقدم لنا اداة للحكم على الاشخاص والهيئات والدول – , وبنفس الوقت يساعدنا بوضع خطوات مجدولة زمنيا مرتبطة بالأهداف والخطة الموضوعة حسب الاولويات التي تساند في تحقيق هذه الاهداف .
من هنا لا بد من الوقوف على هذه المخاطر ودراستها دراسة متأنية لإيجاد العلاقات الرابطة بين هذه المخاطر وكيفية تفاعلها معا للحفاظ على ديمومتها وتماسكها وتعاونها بمواجهة امكانية الانفلات منها او القفز عليها او تفكيكها للانعتاق والتخلص منها , وقد اثبتت هذه المخاطر فعاليتها على مدار قرن من الزمان لحصار المنطقة وتضليل شعوبها ونهب ثرواتها مع غياب شامل لوعي آلية عمل وفعالية هذه المخاطر .
وتشمل هذه المخاطر ستة انواع هي :
-الخطر العسكري الخارجي
-خطر الغزو الفكري والتغريب الثقافي الخارجي
-خطر تبعية الانظمة للغرب والمنظومة الدولية ومؤسساتها الداخلي
-خطر تقسيم وتجزئة الامة العربية والاسلامية الداخلي
-خطر الوجود الصهيوني والاحتلال الاسرائيلي لأرض فلسطين الداخلي
-خطر الارهاب الامني وتجهيل الشعوب الداخلي
ان هذه المخاطر مقسومة الى قسمين : خارجي وداخلي أي : حسب الجهة التي تحدث اثرا في الوقت الحالي على الامة , هل هي من الخارج ام من الداخل . وهذه المخاطر ستة في اعدادها وتقسيماتها ولكن في اولوية الاستعداد لمواجهتها تعتبر خطرا واحدا , بمعنى انه لا اولوية لمواجهة خطر على خطر وبشكل مبسط , على اللذين يفكرون في خوض صراع النهضة لإعادة احياء الامة ان يواجهوا المخاطر الستة في نفس الوقت .
ولعله من نافلة القول الحديث عن هذه المخاطر والتوسع في شرحها لأنها واقع معاش واثارها على مدى الرؤية للإنسان العربي والمسلم , ولكن من المهم ان ندرك :
- انه لا بد من قوة عسكرية لمواجهة الخطر العسكري المتداعي على الامة , ومواجهة خطر الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين المباركة .
- ولا بد من سنة التدافع لمواجهة تبعية الانظمة للغرب والشرق وما تقوم به من ارهاب للشعوب وسرقة لثرواتهم ,
- ولابد من المواجهة الفكرية الواعية للغزو الفكري وبناء الانسان المفكر لمواجهة حالة التجهيل المستمرة ,
- كما انه لا بد من استخدام كافة الوسائل لاستعادة وحدة الامة الجغرافية والسياسية والاقتصادية.
ولعله من الضروري ان نبين ان الاخطار الداخلية الاربعة تترابط وتتعاضد معا وتتقاطع على التعاون والحماية والامن فيما بينها , ولتوضيح ذلك :
- فان الانظمة في تبعيتها مدعومة من الاحتلال الصهيوني للحفاظ على التجزئة للقيام بتجهيل الشعوب وارهابها ولا يمكن للأنظمة - بمجموعها او بشكل فردي- ان تبقى اذا تخلت او تجاوزت المهمات الموكلة لها .
- وكذلك الاحتلال الصهيوني لا يمكن ان يبقى دون تبعية وحماية الانظمة له ودن حالة التجزئة والابقاء على تجهيل الشعوب وارهابها .
- وكذلك التجزئة لا يمكن ان تبقى دون حماية الوجود الاسرائيلي لها وتبعية الانظمة والشعوب المجهلة والمرهبة.
- وكذلك جهل الشعوب وخوفها لا يمكن ان يستمر دون تعاضد الانظمة والصهيونية وحالة التجزئة معا .
وبالتالي : يحافظ الجميع على بقائه بالحفاظ على معادلة التعاون والتبادل والتقايض والتعايش ما بين هذه المخاطر الاربعة الداخلية .
ومن اجل تدعيم ثبات هذه المخاطر لتعمل معا كان لابد من الابقاء على المخاطر الخارجية الدائمة والمتعلقة بالخطر العسكري وخطر التغريب الثقافي.
ولعل الواقع يوضح لنا ان مهمة المواجهة العسكرية تتبادل ما بين القوى العظمى حسب احتياجات المنظومة الدولية للإبقاء على قوة هذه المنظومة دون النظر الى من يكون على رأس هذه القوة , بهدف ديمومة ضعف شعوب المنطقة وتبعيتها ورضاها بالوجود العسكري , كما ان خطر التغريب الثقافي يساند هذه القوة من اجل ديمومة جهل هذه الامة وابتعادها عن مقومات حضارتها وارادة نهضتها وسعيها للتحرر كي لا يظهر دورها الحقيقي في بناء وعمارة الارض والبشرية عامة .
ان هذه الفرضية الواقعية تساعدنا على تحديد موقع القضية الفلسطينية من قضايا الامة كما انها تساعد بتوجيه الثوار وتحديد مسار الثورة وعلاقة هذه الثورة بالقضية الفلسطينية , كما تساعدنا بالحكم على الاعداء والاصدقاء من خلال تعامل المحيط بنا من انظمة ومؤسسات وافراد , اضافة لتوضيح الاولويات وكيفية التحرك والارتداد وتوزيع الادوار باطار المواجهة الشاملة مع المخاطر ومن يمثلونها .
من هنا نرى ان القضية الفلسطينية تحت الاحتلال الصهيوني هي احد اشكال الخطر الستة التيلا تقل اهمية معالجتها وتحرير ارضهامن الوجود المتصهين عن مواجهة الخطر العسكري الخارجي و تبعية الانظمة او التغريب الفكري وارهاب وتجهيل وتجزئة الامة , أي على الامة ان تواجه العدو الاسرائيلي والمخاطر الخمسة الاخرى معا وبنفس الوقت في محاولة منها لتكسير القيود وتحطيم العلاقات الرابطة بين هذه المخاطر املا بالتحرر والسير على طريق النهوض .
وقد يقول البعض بصعوبة مثل هذه النظرة بمجال التطبيق العملي , مع ان الوضع يستلزم البحث والنقاش في كيفية الوصول لتحقيق هذه الرؤية بظل الامكانات المتوفرة بشريا وماديا , وقد يقول البعض ان التنظيمات الفاعلة لم تصل لإزالة أي من المخاطر على مدار 100 عام رغم ما بذلته من جهود ودفعت من تضحيات وهذا لان هذه التنظيمات لم تنظر لأبعاد المخاطر الستة بشموليتها وراحت تواجه خطرا او خطرين , مع تماسك المخاطر الاخرى وزيادة قوتها وفعاليتها في احتواء التنظيمات واضعافها بل واستخدامها لتحقيق اهداف العدو بعد فهم اليات عملها وسقف مطالبها .
وهذا يستلزم من العاملين ديمومة التواصل والتلاحم والتعاضد وتوزيع الادوار فيما بينهم بظل الامكانات الجغرافية والمادية والبشرية من اجل مواجهة المخاطر والتحرك المسحي الدائري او المتعرج الدائري لمواجهتها , وليس التحرك المتدرج حسب الامكانات , وبالتالي تظهر مكامن القوة الداخلية وتظهر امكانية المواجهة على كل المخاطر وامكانية الحفاظ على ما امكن تخليصه وتحريره من براثن المخاطر الستة
يتبع ان شاء الله
القضية الفلسطينية الواقع والتحديات وامكانية الحل في ظل الثورة العربية د عبدالله ابو السمن