الرجوع إلى الأصل فضيلة
- بواسطة مؤتمر الأمة --
- الخميس 06 ربيع الأول 1437 16:24 --
- 0 تعليقات
بعد الإفلاس الفاضح في الممارسة السياسية وتنصلها من البعد القيمي والأخلاقي الذي هو عنوان بقاء الحضارات واستمرارها نحتاج اليوم إلى استدعاء النموذج السياسي الراشدي والوقوف على أبرز معاييره و خصائصه نبدأ بسرد الحديث النبوي الذي يرشدنا إلى اتباع سنن الخلفاءحيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"...فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ."
فالخلفاء الراشدون إستقروا على الشورى في الإختيار وعلى الولاية العامة كنظام سياسي للأمة.
ويتجلى أصل الشورى في طرحهم الأمر لعامة الأمة في المسجد للقبول أو الرفض حتى آل الأمر إليهم .
ومن سننهم في ذلك أنهم لم يعاقبوا معارضيهم ومخالفيهم ولم يسلبوا حق الناس في التعبير عن رأيهم.
وقد عرفت الدولة في عهد عمر رضي الله عنه إجتهاد في تنظيم شؤون الدولة وتمييز الإختصاص وتجلى ذلك بإقامة الدواوين وما يصطلح عنه بمأسسة الدولة وبالإستفادة من تجارب الأمم في باب الأدوات والآليات
كما قال الشاعر:
لا تحقرن الرأي وهو موافق ** حكم الصواب إذا أتى من ناقص
فالدرر وهو أعز شيء يقتنى ** ما حط قيمته هوان الغائص
إن مشهد الخليفة عمر ضي الله عنه وهو يتجول في المدينة بلا حرس وسط شعبه لا يخبر عن مدنية الدولة فقط بل يخبر عن طمأنينة لم يجد معها الخليفة حاجة لاصطحاب الحراس.
والأصل الذي تجلى في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه بمحاورة مخالفيه ومعارضي آدائه في الحكم كتعيين بعض الولاة أو الجباة فكان يأخذ منهم ويرد عليهم ورفضه القاطع مواجهة معارضيه بأي شكل متعسف كالإعتقال أو حتى التضييق عليهم .ولا يعبر هذا عن مدنية الدولة وحسب بل يقطع ويقر بالتعددية السياسية فيها والسماح بقيام الولاءات التى لا تتخطى ولاية الإسلام وصلاح أمر المؤمنين
وقد تبين إستقلال القضاء كأصل واضح في عهد الخليفة علي رضي الله عنه حين يذعن إلى حكم القضاء الذي فصل القضية لصالح اليهودي لعدم كفاية الأدلة عند أمير المؤمنين
وهذا السلوك لا يعبر عن مدنية الدولة وحسب بل يقطع بأن القضاء مستقل وحقوق الأقليات مصانة.
وأما خلافة أبي بكر رضي الله عنه فلا أروع من خطبته التى افتتح بها حكمه والحكم الراشدي كله ليوضح ويؤسس معالم الدولة ونظام الحكم فيها ومادته كرئاسة عامة على الأمة بأسرها وما فصل فيها من قواعد الحكم والشورى والمحاسبة والعزل والمساوات بين القوي والضعيف والعدل بين الناس.
وهذا كله منبثق من مشكاة النبوة وتربية المصطفى صلى الله عليه وسلم لهذا الجيل العظيم وتتوالى المشاهد لتبرز معايير الرشد وقد صدق سيد قطب رحمه الله عندما يقرر أن (جيل الصحابة والخلفاء منهم كانوا على مستوى القمة في جميع النماذج التي قدموها) وأنا أستعرض ملامحها الآن ليس بكاء على الأطلال أوترفا فكريا وإنما للتأسي واستحضار القدوة المأمورين باتباعها.
على أمل قد لاح في الأفق و سنين خير تنتظر الأمة المسلمة بل تنتظر العالم بأسره ليعيش في ظل هذه القيم وليضع عن الناس إصرهم والأغلال التى كانت عليهم.
لم يعد أمامنا سوى التقدم للقيادة والريادة كواجب وقت وأن نكون كفارة الذنب وأمل الأمة في مستقبل مشرق وكما قال الإمام مالك رحمه الله (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها).
بقلم : فؤاد بن صالح
الرجوع إلى الأصل فضيلة