الحرية شرط ضروري للتدين
- بواسطة مؤتمر الأمة --
- الخميس 15 جمادى الثانية 1434 03:07 --
- 0 تعليقات
بقلم عبدالعزيز الوهيبي
مدهش هذا الإنسان ما أسرع هلكته...إنه لربه لكنود...وإنه على ذلك لشهيد...ولقد شهدت في حياتي من صور كنود الإنسان مالا يحصى كثرة...وكان من أشدها وأصعبها علي كنود الدعاة وجحودهم ومكرهم وكيدهم..!!وأبعد من ذلك غوا وأشده أثرا...ما يتعلق بخذلان الدعوة والتخلي عن المباديء...ولقد عاشرت قوميين وشيوعيين ومصلحين غير منتسبين للعلم فوجدت منهم صمودا...وثباتا على المباديء وصدعا بالحق وشجاعة فيه , لم أجد مثله من بعض إخواني...أي جريمة تمارسها أنظمة القمع والاستبداد حتى لا تبقي فطرة سوية...ولا مروءة إنسانية ، ولا قيمة رجولية , ولا استقامة ربانية...عندما كان الدعاة يهزون المنابر إنكارا للمنكرات العامة...ويشحنون نفوس الشباب...حتى إذا مضى هؤلاء بكل الطهر والإخلاص والنقاء لتحقيق مشروع الدعاة...تنحى هؤلاء وقالوا قد بدى لنا مابدى.....!!!ثم لم يلبثوا أن يتقاسموا الغنيمة مع خصوم الأمس...يثنون عليهم ويمدحونهم ويزينون باطلهم الذي كانوا بالأمس القريب أول المهاجمين له والتاعين عليه...!!
عبوديتان قاتلتان...
عبودية للطغيان...
وعبودية للمال
...
وهما اللتان دمرتا بني إسائيل من قبلنا...
ولقد طال في القرآن الححديث عن بني إسرائيل لحكم يعلمها الله سبحانه ...
كانت العبوديتان غلا في أعناقهم...تحرمهم من الانعتاق...رغم كل المعجزات التي شاهدوها بأعينهم...
يهلك فرعون الطاغية المتجبر وجنوده...بمعجزة ربانية...أمام أعينهم درساحاضرا لا يغيب ,,,
ثم لا يلبثون - وثيابهم بعد لم تجف من عبور البحر- أن يمروا على قوم يعكفون على أصنام لهم...
فينادون نبيهم بلا حياء...ويقولون : إجعل لنا إلها كما لهم آلهة...!!
ويلتقط الخيط السامري الخبيث...فيعد لهم مايرغبون..!!
مدهش هذا الإنسان ما أسرع هلكته...إنه لربه لكنود...وإنه على ذلك لشهيد...ولقد شهدت في حياتي من صور كنود الإنسان مالا يحصى كثرة...وكان من أشدها وأصعبها علي كنود الدعاة وجحودهم ومكرهم وكيدهم..!!
وأبعد من ذلك غوا وأشده أثرا...ما يتعلق بخذلان الدعوة والتخلي عن المباديء...ولقد عاشرت قوميين وشيوعيين ومصلحين غير منتسبين للعلم فوجدت منهم صمودا...وثباتا على المباديء وصدعا بالحق وشجاعة فيه , لم أجد مثله من بعض إخواني...
أي جريمة تمارسها أنظمة القمع والاستبداد حتى لا تبقي فطرة سوية...ولا مروءة إنسانية ، ولا قيمة رجولية , ولا استقامة ربانية...عندما كان الدعاة يهزون المنابر إنكارا للمنكرات العامة...ويشحنون نفوس الشباب...حتى إذا مضى هؤلاء بكل الطهر والإخلاص والنقاء لتحقيق مشروع الدعاة...تنحى هؤلاء وقالوا قد بدى لنا مابدى.....!!!
ثم لم يلبثوا أن يتقاسموا الغنيمة مع خصوم الأمس...يثنون عليهم ويمدحونهم ويزينون باطلهم الذي كانوا بالأمس القريب أول المهاجمين له والتاعين عليه...!!إنها طبائع الاستبداد - قاتل الله الاستبداد- تشوه النفوس وتلوى الفطر السوية،وتحرف المسيرة ، وتمزق الركب...لينعم المتخاذلون بذهب المعز...ويسلموا من سيفه...!!عندما أعلنها بنو إسرائيل لنبيهم...وقالوها صريحة مدوية...إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون...أدرك موسى عليه الصلاة والسلام ؛ أن هذا الجيل المستعبد المشوه الفطرة لا خير فيه....وأن الذين عاشوا أجيالا تذبح أبناؤهم - أمام أعينهم- وتستحيا نساؤهم استجابة لنزوات الطاغوت دون أن تبدر منهم بادرة اعتراض ، أو حركة احتجاج ،أو حتى هجرة عن نظام الطاغوت...أن هذا الجيل الذليل المستعبد لا خير فيه....وأنه لن يكون بحال من الأحوال جيل النصر والتمكين...وأنه بخوره وجبنه وعجزه ، وذلته ليس المستحق لموعود الله بدخول الأرض المقدسة....وأنهم لا يصلحون له..فنادى بدعائه العظيم للرب الكريم معلنا براءته منهم ، ونأيه عنهم بقوله عليه السلام :" قال ربي إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين..."
عند ذاك بين الله تعالى لنبيه أن هذا الجيل المعطوب المدمر يجب أن يزول...كي ينشأ جيل حر أبي في الصحراء لا يعرف الطاغوت ولا الطغيان...إنما يتربىعلى الحرية و العزة والكرامة والشجاعة و النخوة والعطاء ...لا يرضخ لطاغوت..ولا يستعبد لمتكبر جبار عنيد..." قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين..."
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : ( حرمت عليهم القرى فكانوا لا يهبطون قرية ولا يقدرون على ذلك إنما يتبعون الاطواء أربعين سنة -والاطواء الركايا - وذكر لنا أن موسى توفي في الاربعين سنة وأنه لم يدخل بيت المقدس منهم إلا أبناؤهم والرجلان اللذان قالا وأنعم الله عليهما.."حتى إذا فني الجيل السابق الفاسد ولم يبق منه إلا أهل الصمود والثبات واليقين...وما أقلهم - أي والله - ما أقلهم...!!
ظهر جيل الصحراء الذي قال عنه الشاعر...إنما الإسلم في الصحرا امتهد....ليجيء كل مسلم أسد روى ابن جرير عن الربيع بن أنس في الآية قال : ذكر لنا - والله أعلم - أن موسى لما حضرته الوفاة استخلف فتاه يوشع بن نون على بني اسرائيل وأن يوشع بن نون سار فيهم بكتاب الله التوراة وسنة نبيه موسى ، ثم إن يوشع بن نون توفي واستخلف فيهم آخر ؛ فسار فيهم بكتاب الله وسنة نبيه موسى , ثم استخلف آخر فسار بهم سيرة صاحبيه ، ثم استخلف آخر فعرفوا وأنكروا ثم استخلف آخر فأنكروا عامة أمره ثم استخلف آخر فأنكروا أمره كله ...!!
ثم إن بني اسرائيل أتوا نبيا من أنبيائهم حين أوذوا في أنفسهم وأموالهم فقالوا له : سل ربك أن يكتب علينا القتال...!!" هذا الجيل الصحراوي الحر لم ينتظر أن يأمره نبيه بالجهاد بل بادر بطلبه , وسعى إليه بنفسه..." ألم تر إلى الملأ من بني اسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله- فيحذرهم نبيهم وهو بهم عليم- قال هل عسيتم أن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا ...,؟!!/ لكنهم يصرون ويطالبون ويبررون / قالوا ومالنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبائنا...؟!!" فيفتح الله على هذا الجيل ويجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين...!!
هذه هي سنن الله في المجتمعات ...أخلاق الطغيان والاستبداد والأثرة تدمر الشعوب وتقتل كل روح كرامة ونهضة وبناء...وأخلاق الحرية تعمر البلدان وتحيي الإنسان وتطيه معنى لوجوده وفاعليته وأثره...
ومن هنا اختار الله لحمل رسالته الخاتمة أهل مكة...التي لم تكن تدار بسلطان سياسي غاشم مركزي مدمر ..بل كانت تحكم بشورى القبائل في دارالندوة يقضى بها عقلاء كل قبيلة نيابة عن قومهم...ولا يامنون أن يخالفهم من قومهم من يخالفهم يصدع بذلك غير هياب ولا متردد...لم تكن لقريش ثقافة حاجزة تصنع مثقفين مزيفين يقدمون ثقافة الزور للناس ويشوهون فطرتهم...ويزيفون وعيهم بالمصطلحات الكبيرة تصرفهم عن حقائق الأمور العارية البسيطة...لم تكن الحجاز خاضعة لأي من القوى الكبرى المهيمنة على العالم وقتها فارس والروم...ولم يكن ثمة ممثلون لهم هناك يطاردون الناس ويحصون عليهم أنفاسهم...كانت بعيدة هناك لا يطمع فيها طامع ولا يرغب فيها راغب...ليست مركز ثروات عظيمة ولا مناخات بديعة وأنهار عذبة ، ولا موقعا استراتيجيا حيويا يحرص عليه السياسيون...كانت واديا غير ذي زرع وسط جبال موحشة لا يقصدها إلا محبوها...لذا كانت فطر قريش أقرب للسلامة والاستقامة والجدية...ومن هنا حملوا رسالة الله للعالم....!!
واليوم نشهد البلدان الاقرب للحرية وكرامة الإنسان هي الأكثر ترشيحا للقيام بالدين...في السودان نجحت الحركة الإسلامية في السيطرة على مقاليد الأمور...وفتح الله لها كنوز الأرض...ولكنها ماتزال تتخبط لا تقيم للناس دينهم الذي ارتضى الله لهم...ولا تقيم لهم حياتهم التي لا غنى لهم عنها...!!فل هم - هداهم الله - قدموا نموذج حضارة ينجح في الحفاظ على الجنوب الوثني ويدخله في دين الله ويوصله رسالة الله....ولا هم قدموا نموذج نهضة يعتز به المسلم ويرفعه نموذجا يبشر به...
كلا بل لقد كانت السودان في أواخر عهد نميري يوم نادى بتطبيق الشريعة..خيرا منها اليوم فيما أحسب!وحده النموذج التركي الواعد ينقلنا من باب فأل لآخر في نمو لا ينفك زادهم الله برا وحرسهم من المكر الكبار..!!ونموذج المقاومة في فلسطين يضرب الأمثال في الصمود والصبر والتضحيةعلى دخن فيه نسأل الله لهم العفو والعافية والتميكن والنصر لصالحيهم...!!ومن هنا كانت ضرورة المطالبة بالحرية شرطا للنهضة الدينية والدنيوية لابديل عنه ، ولا غناء عن سواه...ومهما قلنا فيهم من قول...ورددنا من مثال فهو يستق المزيد ويستأهل التكرار...حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق وهوخير الفاتحين....
الحرية شرط ضروري للتدين