بيان من (مؤتمر الأمة) بشأن القمة الأمريكية الإسلامية العربية
- بواسطة مؤتمر الأمة --
- السبت 24 شعبان 1438 20:14 --
- 0 تعليقات
بيان من (مؤتمر الأمة)
بشأن القمة الأمريكية الإسلامية العربية
الحمد لله وحده الملك الحق، وصل اللهم على نبيك محمد بن عبدالله ﷺ النبي الأمي الخاتم المبعوث بالحق، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وبعد...
قال الله تعالى وقوله الصدق ووعده الحق ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ ..
وقال نبي الرحمة ﷺ (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال يا محمد: إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضهم بعضاً).
وقال ﷺ (تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها قالوا أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله قال لا بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من صدور أعدائكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن : حب الحياة وكراهية القتال).
وهو ما يجري للأمة وشعوبها وبلدانها عامة، والخليج العربي خاصة، فمنذ وصول الأساطيل البرتغالية الصليبية إلى سواحل بحر العرب والخليج العربي والبحر الأحمر، والحملات البحرية الصليبية لم تنفك تغزو بلدان العالم العربي والإسلامي وتحتلها، حتى فتح الباب على مصراعيه بوصول الحملة الفرنسية واحتلالها لمصر سنة ١٧٩٨م، حيث أخذت بلدان العالم العربي تتساقط الواحدة بعد الأخرى، ثم تتابعت حتى سقوط الخلافة العثمانية وتقاسم أقاليمها، بحملة عسكرية صليبية كبرى، في الحرب العالمية الأولى ١٩١٤ - ١٩١٨، وتم إلغاء الخلافة رسميا وتعطيل الشريعة سنة ١٩٢٤ لتنفيذ شروط الاستسلام، حيث أصبحت المنطقة برمتها تحت النفوذ الغربي باحتلاله لها، وحكمها بشكل مباشر وغير مباشر لدولها، وما يزال الاحتلال مستمرا إلى يومها هذا، وبصور مختلفة، ومسميات متعددة، بدأ باسم المستعمرات، ثم المحميات، ثم باسم الاستقلال والسيادة الصورية، والتي ليس لها نصيب من حقائقها إلا الاسم فقط، حيث يتحكم العدو بها عبر تبعيتها له باتفاقيات وقواعد عسكرية وأمنية واقتصادية!
لقد أصبح العالم العربي - منذ معاهدة سايكس بيكو ١٩١٦م، ثم مؤتمر فرساي ١٩٢٠م - قاعدة للمشروع الغربي الصليبي الذي أطلق وعد بلفور عام 1917م، وفق العقيدة البرتستانتية الصهيونية بضرورة تهيئة نزول السيد المسيح للعالم وذلك بإعادة اليهود إلى أرض فلسطين وإقامة دولتهم، حيث انطلق المشروع الصهيوني الوظيفي في قلب العالم العربي، والذي دعا ترامب في حملته الانتخابية إلى أهمية الإسراع به (وإنهاء زمان بناء الأمم) كما في النبوءة التوراتية!
كما أسس الغرب في الوقت ذاته بعد احتلال المنطقة مشروع الأنظمة العربية الوظيفية، لتحكم الحملة الصليبية الغربية شعوب الأمة بأبناء جلدتها لصالح نفوذها وهيمنتها عليها، برعاية بريطانيا وفرنسا حتى نهاية الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٤٥م، ثم تولته معهما أمريكا وروسيا وإلى اليوم.
وإن القمة الأمريكية الإسلامية العربية ما هي إلا امتداد لهذا التاريخ المشترك بين المشروعات الثلاث في المنطقة (الأوربي الصليبي، والإسرائيلي الصهيوني، والعربي الوظيفي).. هذا التاريخ المشترك الذي ترسخ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بإقامة دولة إسرائيل سنة ١٩٤٨م لتصبح قاعدة متقدمة لمنع أي نهضة للأمة وشعوبها نحو الحرية والوحدة، ولحماية ودعم المشروع الوظيفي العربي، ثم جاء مبدأ أيزنهاور سنة ١٩٥٧م لحماية المشروع الوظيفي العربي من الشيوعية وأية أخطار أخرى، سواء داخلية أو خارجية، ثم جاءت أخطر مراحل السيطرة الغربية على المنطقة العربية بعقد معاهدة كامب ديفيد سنة ١٩٧٨م ليؤسس لمرحلة جديدة في إدارة المنطقة العربية بما يضمن امتداد السيطرة الغربية عليها، وتهيئتها لقبول إسرائيل كعضو في المنظومة العربية في المنطقة، وتوجت مرحلة كامب ديفيد بمبدأ كارتر الذي أسس للتدخل العسكري الأمريكي المباشر، في يناير 1980م ورداً على الاحتلال السوفييتي لأفغانستان حيث ألقى الرئيس كارتر خطاباً للشعب الأمريكي قال فيه: ''إن أي محاولة من جانب أي قوة أجنبية للسيطرة على منطقة الخليج العربي سوف تعتبر بمثابة عدوان على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية، ولسوف يقابل مثل هذا العدوان بكافة الوسائل الضرورية بما في ذلك القوة العسكري"! وتوج ذلك كله بمؤتمر مدريد ١٩٩١م الذي أطلق عملية السلام الوهمية في فلسطين بين العرب واليهود، للحفاظ على ما بقي من شرعية صورية لمشروع الأنظمة الوظيفية، ثم جاء بوش وبلير بمشروعهما الخاص بالشرق الأوسط الجديد بعد إدراكهما للتحلل والضعف الذي وصلت إليه المنظومة السياسية العربية، فتم احتلال العراق سنة ٢٠٠٣م، والذي أحدث زلزالا هائلا في المنطقة العربية، وفضح زيف المنظومة العربية الوظيفية التي أعانت على هذا الاحتلال، والذي كان له أكبر الأثر في انطلاق الثورة العربية وربيع شعوبها عام 2010م، فامتدت على طول الخريطة العربية الوهمية التي رسمها الاحتلال الغربي وفرضها على شعوبها لمنع عودة وحدتها وتحررها ونهضتها!
وقد وقف المشروع الغربي الصليبي وربيبه الصهيوني بكل قوة خلف الثورة المضادة في كل البلدان العربية لمواجهة ثورة الأمة وشعوبها وحصارها ومنع تسليحها، وامتد هذا التدخل في كل الساحات في مصر وسوريا والعراق وليبيا واليمن، حتى وصل إلى تركيا وشعبها لوقوفها التاريخي مع حق الشعوب العربية في الحرية والاستقلال.
وتقوم أمريكا اليوم في محاولة جديدة لحشد طاقاتها لمواجهة تحرك شعوب المنطقة، فأطلق ترمب مشروعه الجديد لرسم خريطة المنطقة من جديد، مقسمة وفق خطوط دينية وطائفية وعرقية، وظفت فيه كل المشاريع بدءً بالمشروع الصهيوني، مرورا بالمشروع الإيراني الصفوي الطائفي، وإنتهاء بالمشروع السني العربي، وفق سياسة أمريكا (الاحتواء المزدوج لكل الأطراف)، وبرعاية وتفاهم من المحتل الغربي الصليبي (الأمريكي الأوربي الروسي) ليعيد إنتاج المنظومة الوظيفية لإعادة السيطرة على المنطقة من جديد، ومن خلال تشكيل التحالف العربي الإسرائيلي وبتمويل من ثروات الشعوب العربية بعقد الصفقات التريليونية لإدارة ترمب صاحبة المشروع وراعية التحالف.
وانطلاقا من هذه الأهداف التي رسمها مشروع ترمب للمنطقة جاءت القمة الأمريكية الإسلامية العربية، في محاولة يائسة لتؤسس لمرحلة جديدة لعلها تحقق ما عجزت عن تحقيقه الثورة المضادة في وأد الثورة العربية وحصارها وإنهائها.
وإن (مؤتمر الأمة) نصحا للأمة وإبراء للذمة كما قال تعالى ﴿فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ﴾، وكما قال تعالى ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ﴾ ليؤكد ضرورة وعي كافة قوى الأمة وشعوبها بما يراد لها، والعمل على وحدة الصف والتنسيق المشترك بين الجميع، امتثالا لقول الله تعالى ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً﴾.
كما يجب على الأمة وشعوبها تحمل مسئولياتها، في تغيير واقعها، وتحقيق الإصلاح السياسي في بلدانها، للوصول إلى حكومات ودول راشدة، تعبر عن إرادتها وهويتها، وتحقق نهضتها، وتصون حريتها، وتعيد وحدتها، لتعود من جديد كما أراده الله منها (أمة واحدة وخلافة راشدة) على نهج النبوة.
كما يدعو (مؤتمر الامة) إلى نصرة الشعوب المظلومة المضطهدة في فلسطين والشام والعراق - التي تتعرض لعدوان إجرامي غاشم وحصار ظالم، تشارك فيه إسرائيل وإيران وروسيا وأمريكا وأنظمتها الوظيفية - والدفاع عنها بكل الوسائل المتاحة، كما قال تعالى ﴿وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً . الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً﴾ وهو أقل ما يجب على الأمة لمواجهة المؤامرة التي تبرم حبالها لتلتف حول الجميع.
وإننا في (مؤتمر الأمة) لواثقون بوعد الله لهذه الأمة بالنصر والتمكين كما قال تعالى ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، وببشرى رسول الحق والهدى ﷺ بقوله (لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ).
هذا ونسأل الله أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد، يوحد به كلمتها، ويقيم به خلافتها وشريعتها، وأن يشرح صدور عباده المجاهدين بالحق والنور، وأن ينزل سكينته ونصره عليهم وعلى شعوبهم الثائرة على الظلم والاستبداد والطغيان، وأن يرد كيد أعدائهم، ويبطل مكرهم، كما أبطل مكر أسلافهم من المشركين والمنافقين ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾، وكما قال ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ . لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾.
والحمد لله رب العالمين..
مؤتمر الأمة
السبت 24 شعبان 1438هـ
20 مايو 2017 م
بيان من (مؤتمر الأمة) بشأن القمة الأمريكية الإسلامية العربية