احتمالات المعركة القادمة "5"
- بواسطة مؤتمر الأمة --
- الثلاثاء 24 ذو الحجة 1434 05:34 --
- 0 تعليقات
احتمالات
المعركة القادمة
د عبدالله ابو السمن
من الملاحظ ان وتيرة التهديدات والاستعدادات البحرية والجوية والبرية في المنطقة تتزايد باستمرار مع توسع نفوذ الثوار على الارض السورية , وتحشد القوى الكبيرة والصغيرة قدراتها المدنية والعسكرية في محاولة منها للنجاة من حالة الثورة المستمرة , وامكانية توسعها, والتغيرات التي تطال كل شيء في البنى السياسية الحاكمة في كل بلدان الوطن العربي ومن بعده الإسلامي والعالمي.
ولهذا على المفكرين والواعيين من ابناء امتنا البحث فياحتمالات حركة الثورة داخليا واقليميا ومسارات التدويل المنبثقة عنها , وكيفية تشكيل القوى وآليات التحرك الممكنة وامكانية النجاح في تقديم رؤية مساندة , والتقدم خطوة للأمام نحو تحقيق أهداف المشروع العربي الإسلامي.
لقد اوضحنا ان امتنا العربية المسلمة تخوض معركة متعددة الاوجه داخليا و خارجيا تتمثل بالصراع القائم بين الشعوب و الأنظمة الحاكمة و في الاعداء المتربصين بالأمة والذين يقيمون في بحارها ويبنون القواعدالعسكرية على ارضها مهددينها بالخراب والدمار.
ومع ارتفاع أصوات الحرب وبدء قرع طبولها والتحضير لخوضها , وحشد الحلفاء واجراء المناورات والمشاورات لتأمين احتياجاتها من الإمدادات التي تحافظ على استمرارها,فانه اصبح مما لا شك فيه أن الجميع يتصارع على الرجل الضعيف- الأمة العربية وأنظمتها المترهلة- للأسباب التالية:
1-الثروات التي تمتلكها هذه الأمة
2-غياب الوحدة السياسية بين أنظمة النظام العربي مما يظهر المنظومة العربية مفككة مقطعة الأوصال ضعيفة محتاجة إلى الرعاية الخارجية.
3-تنامي حركة الشعوب الرافضة لحالة الإذلال والهوان التي يفرضها النظام الدولي على امتنا وينفذ برامجها قادة الانظمة.
4-ضعف النظام العربي واستقواء المجتمعات العربية على أنظمتها مما يهدد مصالح الدول الغربية والشرقية في المنطقة.
5-حماية العدو الإسرائيلي من تصاعد المطالبة بإزالة هذا المشروع.
6-النظرة التلمودية للحالة الراهنة وضرورة التخريب والدمار وعلاقة ذلك بانتظار المسيح الدجال وارتباط ذلك بقيام دولة اسرائيل الكبرى.
7-المخططات الموضوعة منذ زمن لإضعاف بنية الأمة العربية وإشغالها في ذاتها .
8-الإبقاء على حالة الضعف لشعوبنا في جميع المجالات ,واستمرار حاجة الأمة للمستعمرين, وديمومة السيطرة على المنافذ البحرية وحرية التنقل والاستثمار في الميادين المختلفة.
9-محاربة النهوض و التطور في واقع الامة و فكر ها نحو الالتزام في الحكم الاسلامي الذي يرفض الخنوع للأمم الاخرى .
10-التأخير ما أمكن من نهوض الأمة واتساع رقعتها المرتبط بأحاديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بأن الدين الاسلامي العالمي سيصل كل بيت على الكرة الارضية مشرقها ومغربها .
ومما لا شك فيه ايضا أن لكل دولة أو أمة من الأمم احتياجاتها وتطلعاتها للإبقاء على حالة الضعف والانقسام السياسي لهذه الأمة العربية المسلمة , بل إن التطلعات تصل إلى إعادة تقسيم المنطقة جغرافيا لتصبح اكثر ضعفا و اعتمادا على الخارج , و بدل أن تتعاون الأمة العربية معا وتشكل وحدة تجابه المخاطر الخارجية وتسعى معا لدعم الثورة السورية وانهاء الملحمة التاريخية التي يقودها الشعب السوري في مواجهة المشاريع المتصارعة على المنطقة , وهي المشروع الغربي الصهيوني , والشرقي الفارسيوامتداداته, وكذلك الدور التركي الداخل على المنطقة , إضافة إلى بعض الدول التي تعتبر هامشية في بؤرة الصراع , وبالتالي فإنالصراع بمستوياته المختلفة قد بدأ يتركز لجميع هذه المشاريع على الأرض السورية - بلاد الشام- ومن سورية الملاحم ومن على ارض غوطتها نبحثاحتمالات المعركة القادمة وفي أي اتجاه تسير؟وأين تكمن قوة المشروع العربي التي من شأنها أن تنهضه في المرحلة القادمة؟ .
يشير الواقع والترتيبات أن حربا كبيرة قادمة على المنطقة في اطار الصراع عليها , وفي اطار مواجهة نفوذ المتنافسين على ثرواتها وتقاسمجغرافيتها , وفي اطار حماية واستقواء المشروع الصهيوني وكيانه الاسرائيلي ,ويتوقع ان تكون هذه الحرب ضمن الاحتمالات التالية :
1-بين المشروعين الشرقي الإيراني وأذرعه وامتداداته شرقا *ضد المشروع الغربي الأمريكي الصهيوني وأذرعه مضافا اليه المنظومة العربية .
2-المشروع العربي * ضد المشروع الشرقي الإيراني الفارسي وأذرعه - أي سنة وشيعة - في غياب تام لتدخل المشروع الغربي.
وهنا يمكن أن يلعب الدور التركي كبيضة قبان على أحد المسارات التالية:
أ- أن تشارك تركيا الى جانب الصف العربي بفعل الترابط التاريخي والعقدي وتتقاسم الدور المستقبلي النهضوي مع الأمة العربية .
ب- ان تشارك تركيا الى جانب الصف الايراني بحثا عن مصالحها في اقتسام المنطقة اقتصاديا في حال ضعفت الدول العربية وأعيد احتلالها .
ت- أن تبقى تركيا على الحياد محافظة على تطورها وارتباطاتها الاقتصادية من جهة على قاعدة صفر مشاكل بعلاقاتها الخارجية , و من جهة اخرى ملحقة بالموقف الغربي , لكن هذا الموقف قد يفقدها الدور التاريخي في لعب دور مستقبلي سيادي , وفي نفس الوقت لا يحميها من تبدلات المنطقة الجغرافية .
3-انشغال المشروع العربي بنفسه وثورته الداخلية , وانقضاض المشروع الغربي وإسرائيل على أجزاء من الوطن العربي من جهة , و انقضاض المشروع الشرقي عليه من جهة اخرى
4-تتوحد جهود المنطقة وتشترك تركيا وإيران والعرب * ضد العدو الإسرائيلي والغرب معا
5-أن تتفجر المنطقة بشكل عشوائي ومن ثم يبدأ البحث عن أحلاف وترابطات جديدة تتشكل في خضم حالة الانهيار في محاولة لإعادة ترتيب جغرافيا المنطقة على اسس جديدة قد تؤسس لحرب عالمية جديدة .
ان التوسع بدراسة احتمالات الحرب القادمة ومسارات تدويلها يقدم صورة أوسع وأشمل وفي نفس الوقت يقدم رؤية لامتنا من أجل التحرك المنظم الواعي , كما أنه ينظم الية متابعة الحدث وتغيراته التي تمثل مهمة أساسية لكل الساعين لإحداث حالة التغيير في المنطقة والاستفادة من التحولات والصراعات القائمة لإنهاض امتنا .ولهذا نفصل في المسارات المحتملة للمعركة القادمة :
اولا- الصراع بين المشروعين الشرقي الإيراني وأذرعه وامتداداته شرقا * ضد المشروع الغربي الأمريكي الصهيوني وأذرعه مضافا اليه المنظومة العربية .
يشكل الصراع الإيراني الغربي في حال اشتعاله مسارا خطيرا في المنطقة , وذلك لأبعاده الدينية والاقتصادية والعسكرية والمستقبلية , إضافة الى مجموعة الأحلاف التي ستتشكل بناء على هذا الصراع .
فإيران دولة نفطية تقع على باب المندب - أحد أهم المنافذ البحرية النفطية - وقد طورت قدرة عسكرية كبيرة في العقد الأخير, و تسعى لامتلاك السلاح النووي كقوة رادعة يمكن استخدامها في المعركة , وهي دولة دينية قومية فارسية الاصل تقوم على أساس المعتقدات الشيعية .
وتطل ايران على مساحات واسعة بحرية كما طورت إيران أذرعا قوية في المنطقة وبنت علاقات مع كثير من التنظيمات السياسية , و تسعى دائما من خلال انتمائها إلى منظمة العالم الاسلامي ودول عدم الانحياز إلى بناء أحلاف مع الدول الضعيفة في مختلف القارات, كما أن خطابها السياسي الذي يظهر للعامة أنه مواجه للغرب ولأحلافه يدغدغ عواطف وعقول كثير من المتضررين على المستوى العالمي , كما أن عقيدتها العسكرية والسياسية التوسعية تحاول الاستفادة من حالة الضعف في المنطقة من أجل اختراقها و السيطرة على قرارها السياسي من خلال استخدام التخويف الدائم بإثارة القلاقل السياسية والعسكرية في دول المنطقة بواسطة التابعين لها تنظيميا وعقديا .
وقد غدت ايران قوة في المنطقة من خلال السيطرة على العراق وسوريا ولبنان وفلسطين , لتشكل قطاعا وعمقا استراتيجيا جغرافيا وبشريا , وهي تسعى لبسط نفوذها في اليمن والبحرين وتشاغل السعودية داخليا , وتحرك سفنها العسكرية باتجاه الصومال والبحر المتوسط , وتقيم قواعد عسكرية في سوريا وتتحالف مع روسيا والصين بشأن الوضع السوري والملف النووي , وتمنع التدخلات التركية في سوريا , إضافة الى التهديد المباشر لتركيا من خلال تدريب العناصر الكردية لدى أحلافها في لبنان و دفعهم لتنفيذ عمليات قوية على الأرض التركية وشكلت لواء تحرير الاسكندرونه في الجنوب الغربي التركي بالتعاون مع النظام السوري .
ورغم التهديدات الغربية والإسرائيلية بضربة عسكرية لإيران ,إلا أن مراكز الدراسات الغربية توصي بعدم الموافقة على مثل هذه الضربة !, نتيجة ضعف الوضع الغربي الذي بدأ يتراجع في العقد الأخير , والوضع الداخلي الإيراني الذي يرى أن أي ضربة لإيران سترفع من شعبية على الحكم أنجاد والباسيج , اضافة الى عدم معرفة حجم ردة الفعل الإيرانية في حال تمت المواجهة , مع تراكم البوارج والسلاح الغربي في الخليج المهدد من ضربة إيرانية متوقعة, مع غياب وضوح الرؤية الصادقة عن مدى الشراكة والتحالف الإيراني الغربي الإسرائيلي - بعد تحالفهما وتشاركهما في الحرب على العراق وأفغانستان – والغزل الايراني الصهيوني الاعلامي احيانا , إضافة لاستفادة الغرب من القوة الإيرانية الصاعدة في المنطقة لتبقي على حالة الضعف والابتزاز لدول الخليج ونفطها ومواصلة التدخل بشؤونها , كل ذلك يقلل من شأن التهديدات بالمواجهة الغربية مع ايران من جهة, ويسمح بزيادة القوة الإيرانية على حساب المنطقة وبخاصة العربية منهامن جهة اخرى .
ومع ذلك تظهر في الآونة الاخيرة ترتيبات واسعة في المنطقة توحي بالاستعداد لمعركة ضد إيران ومظاهرها متعددة , منها الانسحاب الامريكي من العراق , ليبقي على حالة التأزم فيه , بحيث ينشغل العراق في صراع داخلي طائفي يمنع العراق الجديد من الوقوف إلى جانب إيران في حال وقعت الواقعة , ولتستعد أمريكيا للتدخل لصالح القوى التي تخدم مصالحها وتنفذ برامجها في المرحلة التالية , إضافة الى نشر الصواريخ في تركيا وإضعاف الحالة السورية في معركة داخلية لا تعرف نتائجها ,والتحول الجزئي لحماس عن الواجهة السورية مع تأكيدها على العلاقة الاستراتيجية مع ايران , والابتعاد المتدرج لقطر عن منظومة دمشق طهران , وترتيب البيت الفلسطيني من خلال المصالحة المنتظرة بين تنظيمات دمشق مع منظمة التحرير .
إلا أن تعقيدات الوضع السوري أيضا تجعل الخيارات المتعلقة بسوريا واستمرارية اضعافها من قبل المنظومة الغربية أمرا صعبا , وذلك بسبب قرب سوريا من الوضع الاسرائيلي وانعكاسات الثورة عليه , واستمرار البحث عمن سيتولى بعد هذا النظام الذي قدم ويقدم خدمات واسعة للمنظومة الغربية, ولم يشكل أي خطر على اسرائيل طيلة أربعة عقود رغم الضربات التي تلقاها من قبل الإسرائيليين, إضافة إلى استفادة الغرب والشرق معا من إضعاف أهل السنة في داخل سورية , وتشريد واحتواء قيادتها من خلال إطالة أمد المعركة التي تتواطأ الجامعة العربية والمنظمة الاسلامية وانظمة العالم العربي عليهم بهذا الاتجاه.
ومع هذه الفوائد المرجوة من قوة إيران في المنطقة للمشروع الغربي واستمرار التواطئ على بقاء الأسد وإطالة عمره في الحكم , إلا أن ثورة وحراك الشعب السوري واستمرارها رغم التضحيات التي يقدمها , إضافة الى طائفية المشروع الإيراني , وانزعاج المنطقة من تدخلاته في شؤونها , إضافة إلى التخوفات الإسرائيلية من مشروع نووي عسكري حقيقي لإيران, وصراع النفوذ بين الغرب وإيران على المنطقة , والسعي التركي لبسط نفوذه باتجاه المنطقة لتقليل المخاطر الإيرانية التوسعية عليه , كل هذا يساعد في استمرارية التوتير وتصعيد نذر الحرب في المنطقة بين المشروعين الغربي والإيراني فهل نصل إلى الحرب والمواجهة العسكرية !؟.
إن أهمية المنطقة وحيويتها بالنسبة للعالم أجمع يجعل احتمال المعركة قويا , ويجعل الثمن الباهض الذي قد يدفع لهذه الحرب قليلا أمام الأضرار و الفوائد المستقبلية , ويبدو أن الأحلاف قد بدأت تتشكل لإعلان ساعة الصفر , لكن ليست المشكلة في التشكل الأولي لهذه الأحلاف , ولكن من سيخوض منها الحرب اولا ؟ وكيف؟ ومتى ؟ وإلى أي مدى ستستمر هذه المعركة ؟ ومن لديه القدرة على تحمل تبعاتها واعبائها والاستمرار أكثر ؟ .
قد تتأخر المعركة في حال ترتيب الأوضاع سواء عربيا أو إسلاميا أو دوليا مع قيادات المجتمع الإيراني لتجاوز الضربة والحرب التي لا تعرف نهايتها , وقد يتم التغيير بشكل سلمي من داخل البيت الإيراني بحيث تتعاون القوى الإيرانية الداخلية مع الواقع العربي بدل ديمومة استفزازه ومحاولة إضعافه وإثارة القلاقل في داخله والتي لا تخدم إلا الوضع الغربي وأذرعه بما فيها الكيان الإسرائيلي.
بالنظر إلى الأحلاف المتشكلة للمعركة فإننا نرى إيران من جهة ويدعمها من الدول سوريا وروسيا والعراق بقيادة المالكي , ويقف على الحياد الدول التي تكره الولايات المتحدة مثل فنزويلا وكوريا الشمالية والسودان والصين وبعض الدول الإفريقية , ومن التنظيمات حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي او من سينفصل عنهما , و من التجمعات المنظمة , الحوثيون والشيعة في العالم العربي والإسلامي , ومنظومة عمل سرية على المستوى العالمي ترتبط بإيران وتعمل ضمن آلية ضرب أهداف ممكنة في لحظة اشتعال المعركة .
أما من جهة القدرات العسكرية والبشرية وصفيا , فعلى المستوى البشري هناك ولاء مطلق للقيادة السياسية الدينية في إيران , التي طورت القدرات البشرية العسكرية من خلال التدريبات المتواصلة والمناورات الهجومية والدفاعية لكل القوى العسكرية , مما يجعل الحرب حاضرة من الناحية الذهنية و الميدانية للجيش الإيراني وبكافة أنواع الأسلحة الآخذة بالتطور حتى أنها لتصل الى العمق الإسرائيلي من جهة وإلى اوروبا من جهة أخرى .
أما الجبهة الداخلية الايرانية فهي تبدو مفككة وتتناوشها الخلافات بين الإصلاحيين والمحافظين , وبين المؤمنين بولاية الفقيه وغير المؤمنين , وبين الأغنياء وغالبية الفقراء , وبين السنة المقموعين والشيعة الفرس القامعين, وبين الجيل القديم والجيل الشاب , وكثيرة هي إشكالات الجبهة الداخلية سياسيا وعسكريا واقتصاديا, كما أن المحيط الحدودي الداخلي والخارجي من الأذر والبلوش والعرب والأكراد والباكستانيين والعراقيين والخليج العربي من السنة الذين ضاقوا ذرعا بالاعتداءات الإيرانية على البنية السنية والعربية يعتبرون في خانة المحايدين إن لم يقفوا بقوة في صف مواجهة النظامالايراني .
كل ما سبق يوضح إمكانية بناء التحالفات ويوضح قوة الجانب الإيراني وضعفه في المعادلة الدولية , دون التطرق الى الأعداد والحسابات المادية والعسكرية لكلا الطرفين.
كما أن دول الخليج إذا ما استمرالاستقواء و التدخل الإيراني في شؤونها فإنها ستقف في صف المواجهة ايضا, ان لم تكن هي محور المعركة ضد إيران , وأيضا اذا ما استمرت القوى الحليفة لإيران بتدريب العناصر المعادية لتركيا فإن تركيا ايضا ستقف إلى جانب الغرب في مواجهة إيران , وكذلك افغانستان التي ذاقت وعانت من المشاركة الفاعلة من الجانب الإيراني لإسقاط حركة طالبان - وهذا ما عبر عنه كبار القادة في المجتمع الإيراني - والتي لا زالت تحت وطأة الاحتلال الأمريكي والغربي , إن لم تقف على الحياد فإنها ستكون أرض انطلاق لضرب إيران , و مثلها باكستان التي تعاني من الوضع الاقتصادي وتسمح بالتدخل الامريكي العسكري حتى على أراضيها , وخاصة بعد تصريحات الباكستانيين بأن حزب الله وحماس منظمتين ارهابيتين , وهذا ما يجعل الجبهات الخارجية من مختلف الجهات تسير في غير مصلحة إيران , كما أن الوضع الشعبي التركي والإصلاحيين الإيرانيين والعرب والبلوش والأذر في الداخل الإيراني جميعهم في حالة عدائية للمحافظين القائمين على الحكم والمتهمين بسرقة الانتخابات الرئاسية الاخيرة لصالح ولاية الفقيه وعسكرة البلاد على حساب تنميتها .
ويبقى أن نشير الى توقيت المعركة , وعلى الأغلب أن يكون التوقيت مرتبط بحماية الوجود الغربي في الخليج العربي من جهة , والانتهاء من الحالة السورية , إضافة لتوفير المال لخوضها , وتقلبات الطقس في كل من اوروبا والمنطقة , وفي حال الإبقاء على المواقف المتشددة للطرفين فإننا سنشاهد عاما تفوح منه رائحة القتل والمعارك التي تجري رحاها على الأرض الإيرانية والخليج العربي وقد تتسع شمالا الى تركيا والشام وتمتد جنوبا الى اليمن وعمان وشرقا الى افغانستان وباكستان وغربا الى دول البحر المتوسط .
إلا أن عدم انتهاء الثورة السورية واحتمالية استمراريتها يمكن أن يغير مسار مسرح المعركة نحو سوريا , وخاصة بعد فشل الجامعة العربية في الوصول لحلول مقنعة و فشل مجلس الأمن , ولكن إذا ما تمت المواجهة على الأرض السورية , فكيف ستتصرف إيران ؟ وهل ستخوض حربا دولية دفاعا عنها ؟ ام انها ستقدم بعض اوراق القوة لديها للجانب الغربي لإرضائه والابقاء على الاسد والطائفة ؟ وأين ستكون ضربتها الدفاعية في حال تم استهدافها ؟ اضافة الى تساؤل مفتوح هل يمكن لإيران ان تخوض حربا استباقية وتضرب الضربة الهجومية الأولى ؟.
ثانيا – المعركة بين السنة العرب وبين ايران الفارسيةواحلافهم من الشيعة والسنة " الحرب البديلة " .
منذ أن دخل الأمريكان على المنطقة بعد ضربة 11 أيلول وبالتحديد إلى أفغانستان والعراق وهم يتراجعون من النواحي العسكرية والاقتصادية والأمنية ويفقدون من هيبتهم السياسية , وفي نفس الوقت يزداد الرفض في المنطقة للوجود الأمريكي الذي يظهر على شكل ثورات وحركات سلمية وجهادية مسلحة لطردهم وعملائهم من الأنظمة الحاكمة , واصبحت دائرة المعركة تتسع على الأمريكان من الصومال إلى المغرب العربي ومن أفغانستان وباكستان إلى سوريا والخليج العربي .
معركة في واقعها العملي العسكري وفي عالم الشعور والوجدان النفسي ايضا , ومنذ ذلك الحين والامريكان يحاولون ليلا نهارا من أجل تخفيف الأضرار المستقبلية لهذه المعركة من خلال الاعلام , ومحاولة تحسين لغة التواصل والابتعاد عن النقاط الساخنةو العمل بوسائل بديلة عن خوض المعركة العسكرية المباشرة لانعكاساتها الخطيرة على الداخل الأمريكي في جميع المجالات , ولتضارب المصالح الغربية , ولصعود قوى كبيرة في المنطقة متمثلة بالجماهير العربية التي تسعى للحرية , وايران التي تسعى لبسط نفوذها على المنطقة , وتركيا التي تبحث عن موطئ قدم لها في الوسط العربي , ولمحاولة الشرق ممثلا بالاتحاد السوفياتي أن يستعيد شيئا من هيبته التي فقدها عبر العقود الأخيرة , والصين التي تترقب التغيرات في المنطقة لتمارس دورا مستقبليا لها قريبا.
الغرب بمجمله حاول في القضية الصومالية أن يدفع بأثيوبيا حتى تخوض معركتها ضد حركة الشباب المجاهدين الصومالية , وعين شريف وبعض وزراء التنظيمات الاسلامية لاستكمال مواجهة حركة الشباب , وأستخدم الناتو من أجل احتواء القضية الليبية , واليونيفيل في الجنوب اللبناني ليشكل حاجزا دون العدو الإسرائيلي , وخرج من العراق وسلمها بالكامل لعملاء إيران وشكل الصحوات بالتواطئ مع بعض التنظيمات الاسلامية والقبائل والدول من أجل احتواء اي تمدد للقاعدة أو العمل الجهادي العالمي الذي اخرج الامريكان من المنطقة , ويغازل تركيا كقوة اقليمية من أجل تجنبه خوض معركة على الأرض السورية لا تعرف نتائجها وأبعادها, ويفرض على العدو الاسرائيلي ان يقدم اعتذارا لها علنيا ويقدم لتركيا دورا اوسع في القضية الفلسطينية والعلاقة المصرية .
وتراجع الغرب في مجلس الأمن لصالح الصين والروس من خلال الفيتو المتعلق بالقضية السورية, كما أن حجم المخاطر الاقتصادية التي تكشفت بحجم الدين والانهيار الاوروبي والامريكي والخروج من حالة العجز بالاستدانة للعام 2011 بما يزيد عن 2 تريليون ليصل الدين الأمريكي لأكثر من 15 تريليون كل هذا يدفع بالولايات المتحدة للبحث عن بدائل للمعركة المباشرة , وكل هذا يدفع للتساؤل الواقعي هل ستخوض الولايات المتحدة حربها القادمة بنفسها ام بواسطة الأطراف والأحلاففي المنطقة وعلى أي أساس ؟
تبرز بوادر المعركة البديلة بشكل جلي في كل من لبنان والبحرين واليمن , و مشاعر الطائفية تتأججوزاد من حدتها ما يجري في سورية من قتل جماعي لأهل السنة على يد الجيش السوري العلوي وعصابات الاسد النصيرية بمشاركة ايران والمالكي وحزب الله , إضافة الى ما جرى في العراق في السنوات العشر الأخيرة , و دخول تركيا على خط اللعبة السورية لصالح طرف من اطراف السنة والانعكاس المباشر لهذا التدخل على الارض التركية من رفع لوتيرة العمليات الكردية بتوجيهات سورية بالتعاون مع حزب الله وايران ولواء تحرير الاسكندرونة , كل هذا يظهر مدى الاحتقان السياسي و الاحتقان العقائدي والجاهزية النفسية لخوض المعارك البديلة اعلاميا مع التعبئة المستمرة لاحتمالات خوض الحرب العسكرية جزئيا ثم شموليا لتتسع على الدول العربية والاسلامية .
كما تظهر الخطة الخمسينية للإيرانيين حجم الاهداف التوسعية التي ترتبط بالمنطقة من خلال تصدير الثورة وصرف المال والربط التنظيمي والتدريب العسكري والاختراق الامني للواقع العربي , إضافة الى الخطة المعدة لاحتلال شرق الخليج العربي مرورا بالبصرة للسيطرة على منابع النفط في جزيرة العرب , كما أن التصريحات المستمرة عن الخليج العربي أنه فارسي وأن الايرانيين جاهزين لإغلاقه وهم يستعرضون بقطعهم البحرية العسكرية فيه حتى وصل الامر إلى التحرش بالقطع البحرية الامريكية في عملية استعراض للقوى, وكذلك في زيارة انجاد للجزر الاماراتية , كما أن التدخلات الأمنية في الدول العربية كما جرى في مصر قبل وبعد زوال مبارك , وكذلك في المغرب العربي وتصريحاتهم أن العراق وجنوبه وكذلك الجنوب اللبناني جزءا من ايران , واستخدام القوى الفلسطينية حماس والجهاد لخدمة المصالح الايرانية طيلة عقدين من الزمان , كل هذا يوحي بالعدائية المباشرة للنظام العربي ودوله وأنظمته وحتى بالفترة الأخيرة لشعوبه الثائرة الا بما يخدم المصالح الايرانية .
وحتى هذه اللحظة لم يظهر قادة الأنظمة العربية أي ردة فعل معتبرة تجاه ما تفعله ايران في المنطقة , لأنهم اعتادوا عقليا ومادياوامنيا الاعتماد على الغير الغربي , ولم يظهروا في الفترات السابقة أن لهم اي قوة عسكرية الا على شعوبهم , حتى ان النظام العربي لم يجر أي تدريبات مشتركة لجيوشه المتكلسة المتكرشة , في حين ان ايران تجري العديد من المناورات لكل قطاعات جيشها في كل عام , كما لم يظهر الجانب العربي سعيا للتوحد معا في برامجه المختلفة الا بما يخص الشعوب العربية وقمعها ومتابعة مجاهديها وقتلهم او سجنهم وتجفيف مواردهم , في حين تظهر ايران انها تتبنى المقاومة وتدعم المقاومين وتدربهم في كل مكان , وإن كان كل ذلك خدمة لمصالحها التوسعية , كما لم تظهر الدول العربية الا التنازلات تلو الاخرى للعدو الاسرائيلي وترجوه أن يحل القضية الفلسطينية حلا عادلا على اساس المبادرة العربية التي لم تبق على شيء للشعب الفلسطيني, في حين تظهر ايران داعمة للمواجهة مع الإسرائيليين وخاضت من الناحية الفعلية بواسطة اذرعها حربين كبيرتين, وان لم تؤديان الى تحرير او تغيير - بل على العكس ادت الى زيادة التهام الارض الفلسطينية وخصوصا القدس واشغالا للواقع العربي واضعافه من الناحية السياسية وزيادة تفككه - ولكنها تصنع صورة في العقل العربي العامي أنها تحارب الغرب واذرعه في المنطقة , وتستخدم اذرعها على الاقل كأوراق مساومة و ضغط على المحيط العربي وعلى الخارج الغربي , في حين ان النظام العربي لا يستطيع أن يستخدم اوراق ضغطه لانتزاع اي من القرارات المتعلقة بمصالحة , ويظهر الايرانيون واحلافهم انهم اكثر استعدادا للدفاع عن بعضهم بعضا كما يظهر في سوريا , في حين لا تظهر الدول العربية استعدادا للاستقواء ببعضها او توحدها كما يجري في حالة توحد الاردن والخليج العربي, او كما جرى ويجري في السودان عندما شارك العرب في تقسيمه والتآمر عليه في العقود السابقة حتى وصل الامر الى تسليح جون قرنق في مواجهة النظام السوداني , او كما حصل من تشارك النظام العربي والايرانيين في اسقاط نظام صدام حسين الذي كان يشكل حالة توازن ودفاع عن البوابة الشرقية للأمة العربية .
وبالعودة الى تاريخية الصراع بين السنة والشيعة (ايران الفارسية ) الذي يذكيه الغرب من جهة والفرس الايرانيون من جهة أخرى
تعود احداثه الى مقتل الخليفة الراشدي عثمان بن عفان رضي الله عنه واتهام اتباع الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه من قبل الخليفة الاموي معاوية بن ابي سفيان بمقتله, وما لحق ذلك من صراعات دموية في عهد الخليفة الاموي يزيد بن معاوية في كربلاء , وما نتج عن ذلك من أحكام متعلقة بالخلافة الراشدية واختلاف النظرة حول أولوية الخلافة بعد الرسول هل هي لعلي رضي الله عنه أم هي لأبي بكر وعمر وعثمان , وما تبع ذلك من التناقضات السياسية وربطها بأحكام فقهية , ولي أعناق النصوص لتتوافق مع الحالة السياسية لخدمة المذهب الشيعي ردا على الاجراءات القمعية التي عايشوها في بداية العصر الاموي, مما أدى الى اتساع الهوة بين الفئتين واطلاق أحكام التكفير من كل جهة باتجاه الاخرى ,فالذين رفضوا خلافة أبي بكر سموا رافضة , والذين عادوا عليا والحسن رضي الله عنهما سموا نواصبا , وأصبحت أراء السياسيين بمستوى أراء واجتهادات الفقهاء بالتعامل مع الصراع , وبني على آرائهم - باعتبارها مسلمات - فقها تشتق منه الأحكام , وبالتالي تداخل الفقه بالسياسة وأصبحت السياسة دينا ومرجعا وخاصة لدى الشيعة الذين يرون القرآن محرفا بل أن ثمة قرآنا آخر لديهم , ويقولون بعصمة الأئمة الاثني عشر , ويكفرون بعض الصحابة ويلعنونهم على المنابر ويتهمون السيدة عائشة ام المؤمنين بحادثة الإفك بل إن بعضهم يكفرونها .
واتسعت قاعدة الصراعات بعد قدوم اسماعيل الصفوي الى سدة الحكم في ايران والذي تولى السلطة عام 1501 عن عمر 14 عاما وخاض معارك في ايران حتى استولى على تبريز واعلنها عاصمة للدولة الصفوية ليشكل فاصلا بين تركستان في الشرق والدولة العثمانية في الغرب ولم تحسم المعركة بين الصفويين والعثمانيين الا في عام 1514 في معركة جالديران ومن ثم دخول الاتراك الى تبريز في شهر تموز من العام نفسه .
الا ان المؤامرات ونقض العهود والتعاون مع الغرب كما حدث من اتصالات مع ملك المجر والسماح للأسطول البرتغالي بالالتفاف على الدولة العثمانية من الخلف , عادت لتفتح بوابة الصراعات الدموية , ولم تهدأ محاولاتهم لإضعاف الدولة العثمانية على مدار عقود وكلما شعروا بأنفسهم قوة حاولوا الانقضاض على بغداد وعلى المناطق الشرقية من تركيا مساعدين بذلك الغرب في اشغال الدولة العثمانية عن تقدمها بالفتوحات تجاه اوروبا لترتد الى الداخل لقمع عمليات القتل والفوضى التي يثيرها الصفيون حتى دب الضعف في الدولة العثمانية وبدأت تتآكل من جميع الجهات لصالح الغرب بريطانيا وفرنسا والشرق روسيا وايران ووصل الامر في العصر الحديث الى تحالف الايرانيين مع الارمن المسيحيين في مواجهة الأذر المسلمين.
ومنذ قدوم الخميني على الطائرة الفرنسية في الثمانين من القرن الماضي ولا زالت الحرب دائرة على العرب واهل السنة في العراق وفي لبنان واليمن والبحرين وفي افغانستان وفي كل مكان استخدمت ايران الفارسية اهل المذهب الشيعي العرب في المنطقة دعمتهم بالمال والسلاح والتدريب لمواجهة اهل السنة , ولا زالت تعمل على اضعاف البنية الداخلية للامة العربية المسلمة وتتعاون مع الغرب من اجل تقسيم المنطقة جغرافيا واقتصاديا وسياسيا وتتلبس لباس المقاومة والممانعة التي اثبتت الثورة السورية على مدار اكثر من عامين كذب هذه الادعاءات واثبتت ان مشروع المقاومة ما هو الا مشروع طائفي يحمل تصورات خفية للقضاء على وجود السنة او استخدامهم في المنطقة بالتوافق والشراكة مع الغرب.
وكما كانت الحروب العثمانية الايرانية الفارسية الاثر الكبير في انهاك الدولة العثمانية وضعف صمودها امام المد الاوروبي وبالتالي انحسار المد الاسلامي عن اوروبا وتراجعه ومن ثم انهاء وتقسيم الدولة العثمانية ,فان للحروب التي يخوضها العالم العربي اليوم منذ ثلاث عقود مع ايران الحالية في الداخل والخارج اثارا واسعة في اشغال العرب وضعفهم وانقسامهم وتقسيم اراضيهم وانقضاض الامم عليهم من كل حدب وصوب , واذا ما تنبه العرب الى ما يجري حولهم ولم يبادروا لاتخاذ قرارات جريئة تتعلق بواقعهم الداخلي ووحدة موقفهم والعمل بالمثل مع من يبادلونهم القتل والعداء من المشاريع المتكالبة عليهم فسيصيبهم ما اصاب الاقوام التي سبقتهم من الدمار والضعف والاحتلال والابادة وما يجري في العراق وسوريا عنهم ببعيد.
ان هذه الرؤية تدفعنا لاستكمال المشهد من خلال البحث في اهمية تركيا في المرحلة القادمة والتساؤل عن الموقف التركي والى جانب من ستقففي المعركة القادمة ؟
لم تستطع تركيا الحفاظ على مبدأ الاقصاء بالنفس عن حروب المنطقة او الدخول بإشكالاتها بعد قيام الثورة السورية التي تقع على حدودها الجنوبية وما ستؤثرههذه الثورة على العلويين والاكراد في تركيا , ونجاح تركيا مستقبلا في مد جسور العلاقات السياسية مع سورية المرتبطة بالحالة التركية والداعمة لها, وقد يتساءل البعض في هذا الحراك الثوري السوري و العربي العظيم من المحيط إلى الخليج عن الدور التركي وأين موقعه من معادلة الصراع ؟ ولماذا لم يظهر بشكل جلي حتى هذه اللحظة ؟
على الرغم من أن الدور التركي ليس سهلا في معادلة الصراع الاقليمية إلا انه ليس واضح المعالم والأهداف و الدوافع بعد , وعلى الرغممن أن الأتراك عانوا كما العرب من التهميش السياسي ولم يكن لهم أي دور ظاهر للعيان خلال القرن الماضي , إضافة إلى أنهم خسروا السيادة العالمية التي حافظوا عليها أكثر من خمسة قرون في ظل الخلافة الإسلامية ليصبحوادولة هامشية من الناحية الجغرافية والسياسية والاقتصادية في المحيط العربي والإسلامي و العالمي في ظل دولة علمانية .
وعند مناقشة العوامل التي تمنع ظهور الأتراك كمشروع قوي و جاذب ندرك ان منها ما هو داخلي يتعلق بتركيبة الحكم وبطبيعة القوانين والقضاء وقوة الجيش الذي يحمي علمانية الدولة , وبطبيعة المجتمع المحكوم بالعلمانية منذ أكثر من قرن , وكذلك النزاعات التاريخية الداخلية مع الأكراد والأرمن . ومنها ما هو خارجي له علاقة بتاريخ انهيار الدولة التركية ومشاركة العرب والتدخلات الصفوية لإيقاف مد الدولة العثمانية باتجاه أوروبا وانهيارها , وكذلك بالمعاهدات والارتباطات مع العدو الإسرائيلي إبان الحكم العلماني حتى يومنا هذا والمعاهدات والارتباطات مع الغرب وحلف الناتو بفعل موقعها الجغرافي .
لذا يظهر الموقف التركي للمتابع مترددا و متناقضا , فهو يشارك في الحرب على أفغانستان, ويمتنع عنها في العراق ويطالب بالانفتاح على الغرب رغم معارضة الغرب له , ويسارع بالانفتاح نحو الأمة العربية في سوريا والأردن ولبنان , ويقف مساندا لإيران في معركة المشروع النووي السلمي و يرفض مشروعا نوويا عسكريا , و يتعارض معها في العراق, ويرفضتحركها باتجاه البحرين , ويظهر أنه معادي لإسرائيل في خطابه السياسي إلا أنه يعتبر منسق المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل , إضافة إلى العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي لا زالت قائمة معها حتى الآن , ويشارك اليونيفيل في الفصل بين الجبهة الشماليةالساخنة لدويلة إسرائيل ولبنان , ويحرك سفنه البحرية العسكرية معالحلف الأطلسي نحو ليبيا , مع أنه لم يحرك سفنه للدفاع عن سفينة مرمره التركية التي اغتصبها قراصنة العدو الإسرائيلي , ويشارك العالم في الحرب على الإرهاب - الجهاد العالمي - ويعتقل عددا من الإسلاميين مع أنه يتبنى الفكر الإسلامي ويواجه المشروع العلماني.
إن هذه العوامل وغيرها تمنع ظهور تركيا كلاعب قوي أو قائد في المنطقةالعربية , ولكنها تقدم انطباعا عن بداية التحرك التركي للعب دور أوسع قد يكون رئيسيا في ما اعلنت في المرحلة القادمة بوضوح أهدافها و ما الذي تريده؟ والى جانب من تقف ؟ وما هي اطروحتها للأمة؟ .
ويبقى مع ذلك الحكم على الشعب التركي يختلف عن الحكم على السياسة والسياسيين وعلاقات المصالح بين الأنظمة والارتباطات المتشابكة والمعاهدات وحسن الجوار والتطلعات المستقبلية , ومدى الاستعداد للمواجهة الشاملة أو التضحية ببعض المكاسب من أجل تكريس المبادئ , أو الجاهزية للخروج عن الالتزامات الأممية المرتهنة إلى بعض الدول الدائمة في مجلس الأمن التي تتناقض مع التطلعات الشعوب .
إن هذا الدور الهامشي لتركيا لن يستمر طويلا وخاصة أن ثمة ثورة عالمية على المستوى الداخلي ضد النظم الحاكمة تظهر جلية في الوطن العربي ، وستسمر لتطال دول العالم ولن تكون دولة واحدة بمعزل عنها. وسيجري نهر الثورات عبر القارات الخمس حتى يستقربالقدس و يعود الإنسان إلى الاتساق مع حركة الكون في طاعة الله والاحتكام إلى أوامره وحتى يعود الدين الإسلامي في الواقع نقيا كما بدأ.
إن خروج تركيا عن دورها الهامشي يستلزم مرحليا أن تكون جزءا من أحد المشاريع الثلاثة الغربي , أو العربي, أو الإيراني أو المحافظة بصعوبة على خط دقيق بين المشاريع الثلاثة للوصول إلى بر الأمان , و قبل تحديد الوجهة الرئيسية للمشروع التركي ولفهم وجهته مستقبلا ننظر في الاحتمالات المتوقعة لتحرك هذا البلد في المنطقة وأي المسارات سيتبع ؟ وفي أي المشاريع سيأخذ دوره الحقيقي ؟.
فبالنسبة للعلاقة التركية الإيرانية وإمكانية أن تكون تركيا ضمن المشروع الإيراني:
فإن ثمة عوامل مشتركة جامعة بينهما ، فهما دولتان عضوان في منظومة مؤتمر الدول الإسلامية وهما جارتان وتعانيان من مشاكل مشتركة أهمها القضية الكردية ، وبينهما مصالح اقتصادية مشتركة ، وشاركتا الغرب في إسقاط نظام طالبان , إلا أنهما في نفس الوقت تختلفان في المذهب , وهما قوتان إقليميتان متنافستان كما أن تمدد أي منهما يشكل خطورة على الأخرى وموقعها الإقليمي, ويوجد بينهما خلاف على امتلاك السلاح النووي الإيراني, رغم تصويت تركيا ضد مشروع قرار العقوبات على إيران في مجلس الأمن , كما أنهما تتنازعان بشكل واضح ما يجري في العراق ,وتتنافسان على العلاقة معسوريا , وكان واضحا للجميع الموقف التركي في لبنان عندما تمحور الطرف السني لصالح الجانب التركي في زيارة اردوغان ، وتمحور الطرف الشيعي لصالح إيران في زيارة احمد نجاد , كما كان واضحا الدور التركي في تأييد النظام في البحرين مع مطالبته بالإصلاحات على حساب التحرك الشيعي مع فرملة الإجراءات الإيرانية لدعم الشيعة فيها , ويتعدى التنافس إلى الجهة الغربية من الوطن العربي لتكون الزيارة الأولى لأردوغان في عهد مصر الجديد بعد الثورة لاستطلاع الأمور عن كثب وليستبق الدور الإيراني الذي ينسق مع حركة الإخوانوفروعها منذ عدة سنوات على الأرض المصرية .
يضاف إلى ذلك التخوف التركي من الهلال الشيعي الذي يعزل تركيا عن محيطها العربي وعمقها السني , فالعراق الذي يسيطر عليه عملاء إيران, ومن ثم سوريا التي تحكم بالطائفة النصيرية المتشيعة , ولبنان الذي يحكم بسلاح حزب الله وجزء كبير من الثورة الفلسطينية وتنظيماتها على الارض الفلسطينية , وكل هذا يشكل عازلا جغرافيا يغطي مسافات بعيدة المدى وبنفس الوقت تشكل خطرا عسكريا إذا ما حدث اشتباك لسبب أو آخر مع تركيا , اضافة الى انه يشكل معوقا اقتصاديا لدولة تتطلع إلى نمو اقتصادي يساعد في بناء القوة التركية الداخلية التي تحمي أمنها القومي وموقعها الإقليمي .
كما أن العلاقات التركية التاريخية إبان الخلافة العثمانية مع إيران كدولة صفوية في القرن السادس عشر شهدت معارك دامية تمثلت في محاولة إضعاف الدولة العثمانية من الداخل لحساب الغرب والكنيسة البابوية مما أوقف المد العثماني نحو أسلمة أوروبا كاملة , وأضعف الدولة العثمانية , وأدى إلى بدايات انقسامها على أساس مذهبي ساعد بحدوث الإنقسام الجغرافي وتمزيق الدولة لاحقا .
يظهر من استعراض الحالة السياسية والعسكرية والاقتصادية في المنطقة أن جوانب الاختلاف بالعلاقة بين تركيا وإيران أكثر من جوانب التوافق في كل القضايا المتناثرةوتقلباتها , وأن ثمة تنافس خفي لا يؤسس إلى علاقة سوية بين المشروع الإيراني الذي يعمل بنجاح منذ عدة سنوات في نسيج المنطقة وبين الدور التركي الذي يسابق لوضع موطئ قدم له دون الدخول في صراعات شاملة .
اما محطات العلاقة التركية الأوروبية الغربية:
فعلى الرغم من قدم العلاقة الأوروبية التركية التي تعود إلى مصطفى أتاتورك وتوقيع اتفاقية لوزان واتفاقيات الشراكة الموقعة في العقد السادس من القرن الماضي ، والموقع الجغرافي التركي للعاصمة التركية اسطنبول في القارة الأوروبية , والتسهيلات التي تقدمها تركيا بمكافحة الإرهاب والمشاركة الكاملة في حلف النيتو , إلا أن الدول الأوروبية ترفض دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي حتى هذه اللحظة , وتتعامل مع ملف دخولها على أساس ديني عنصري مهين,وترفض دولا هامة على الساحة الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا واليونان والنمسا والكنيسة البابوية دخول تركيا إلا بعد الانتهاء من الملف القبرصي المختلف عليه ، والتأكد من أن تركيا تتجاوب مع المفاهيموالمتطلبات الغربية الديمقراطية .
يضاف إلى ذلك التخوف الأوروبي من الشعب التركي المسلم وتعداده الذي قارب (80) مليون نسمة مما يرفع نسبة التواجد الإسلامي في أوروبا وخاصة بوجود حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية , كما أن انفضاح الدور الأوروبي الرافض للعلاقة مع تركيا الذي كشفت عنه وثائق ويكيليكس, ورفض تركيا المشاركة في الحرب على العراق , وتزايد سوء علاقتها مع الكيان الإسرائيلي , وموقفها المحايد من المشروع النووي الإيراني السلمي, إضافة إلى السجل الكبير من المعارك والحروب في ظل الخلافة العثمانية الإسلامية مع الغرب والدور البريطاني الفرنسي في تقسيم وضرب مقومات الخلافة من الداخل والخارج . كل هذه العوامل وغيرها من الاستعلاء الأوروبي , والتعامل بفوقية مع الأتراك خاصة المهاجرين منهم إلى أوروبا , واستخدامها كأداة في منظومة النيتو , لا تؤسس لعلاقة طبيعية قائمة على الإحترام المتبادل بين الغرب وتركيا , بل إن العلاقة تميل إلى التباعد بفعل الدعم الأمريكي للأكراد والملف ألأرمني والتعاون الإسرائيلي الكردي في العراق إضافة إلى الصمت الأمريكي عن ممارسات العدو الإسرائيلي في لبنان وغزة والقرصنة الإسرائيلية في البحر المتوسطواستهدافهم لسفينة مرمرة التركية .
من هنا نلاحظ أن العلاقات التركية الإيرانيةفي وضعها الحالي لا يمكن أن تشكل مشروعا واحدا تجد تركيا نفسها فيه ، وخاصة أن المشروع الإيراني متفرد القوميةوالمذهب لا يقبل القسمة على اثنين, وكذلك في المشروع الغربي الأوروبي التركي لا يمكن لتركيا إلا أن تكون تابعا ومنفذا لبرامجه وأداة له في مواجهة المنطقة العربية والإسلامية التي تعتبر لتركيا امتدادا جغرافيا وبشريا واقتصاديا وعقديا استراتيجيا .
اما المحطات التركية العربية التي تم توضيح بعض منها سابقا :
فان أهل السنة منالعرب والعجم يتطلعون إلى دور فاعل لتركيا في الاحداث القادمة خاصة بعد الثورة السورية وانكشاف الطبيعة العدائية لإيران واذرعها في المنطقة لأهل السنة , والتنافس معها الذي يصل الى حد التصادم من خلال دعم الثورة السورية من قبل الاتراك ,واقامة العلاقات الاقتصادية والسياسية مع اكراد العراق , وتبريد اكراد تركيا من خلال تقديم صلاحيات ادارية اوسع لهم والسماح لاوجلان بالحديث معهم وطلبه اليهم بترك العمل المسلح , والدعم المعنوي لثورة السنة في العراق , ومحاولة تبني ودعم حركة حماس لتخليصها من علاقاتها الارتباطية مع الجانب الايراني , وانفتاح علاقاتها على الخليج والسعودية ؟ كل هذا يجعلنا نتساءل , كيف سيكون دور تركيا في المشروع العربي السني ؟ وما أثر ذلك عليها اقتصاديا وعسكريا وجغرافيا ؟ وهل سيتكامل الدور التركي ليصبح مشروعا بالاشتراك العربي ؟ ام ستؤثر العوامل السياسية وتقلباتها على الحالة التركيةفي بناء أحلافها ؟ وما أهمية الحجم البشري العربي والتركي لصياغة مشروع مشترك للنهضة الاسلامية ؟ هذا ما ستظهره الأيام القادمة من حراك الثورة العربية في المنطقة وكيفية تفاعل تركيا معه ؟ ويجعلنا في الوقت نفسه نتوقع اقتراب تركيا من النظرة العربية لطبيعة الاعداء المشتركين في المنطقة , ويضعنا امام احتمال قوي لبناء تحالف استراتيجي معها لمواجهة مخاطر القادم من الايام , فهل نحسن كعرب استثمار الموقف ؟ ام نبقى امام خياراتنا التي تعبث بها قوى الغرب على حساب مصالحنا ؟ .
3- انشغال المشروع العربي بنفسه وثورته , وانقضاض المشروع الغربي وإسرائيل على أجزاء من الوطن العربي من جهة , و انقضاض المشروع الشرقي عليه من جهة اخرى.
لا شك ان الثورة العربية كانت احتياجا ماسا لا يمكن تأجيله وخاصة بعد ان استنفذت كل امكانيات اصلاح الانظمة , وبعد ان استنفذ النظام كل الاوراق التي يمكن ان تحميه , ووصل به الامر للتآمر العلني على الامة ومشروع نهضتها مع اعدائها كما حصل في العراق وافغانستان وفي كل الساحات .
لم يعد هناك أي مبرر لاستمرار النظام العربي القائم لا في المجال السياسي ولا الاقتصادي ولا الاجتماعي او التربوي ولا القيمي الاخلاقي ولا في أي مجال, لذا كانت انتفاضة العرب احتياجا ماسا وعلى موعد مع القدر للتغيير وازالة انظمة الظلم والقهر و الفساد والافساد.
نجحت الثورة بإزاله رأس النظام في تونس ومصر وليبيا واليمن , وهي تسعىلاسقاط رأس النظام في سوريا , وتنتفض في العراق ولبنان وتتهيأ في كل الوطن العربي , لكن رغم نجاحها بأيام قلائل في مصر وتونس واليمن بالطرق السلمية , وتحولها الى العسكرة والسلاح في ليبيا وفي سوريا , الا ان التخوفات لا زالت تسيطر على الشارع العربي بان ما نجحت به الثورة يخدم حقيقة تطلعاتها بالنهوض ؟ ام انه حالة استباقية للغرب ومكوناته قبل ان ينفجر الوضع العربي باتجاه لا يخدم مصالحه ؟ كما انه لا زال هناك تساؤل عن طبيعة الانظمة التي تمكنت بعد الثورة والتي لم يكن لها دور فاعل في اثارتها ,هل هي حقا نتاج الثورة وديموقراطية الحالة الشعبية ؟ ام انها الخيار الوحيد المفروض ديموقراطيا على الشعوب ؟ كما يطفو تساؤل آخر على السطح , هل ما قامت به انظمة ما بعد الثورة من سياسات خارجية او اصلاحات داخلية يقدم نموذجا يحتذى به؟ ام انه استجرار سلبي للأنظمة السابقة ؟ اضافة الى تساؤل صعب على البحث هل هناك وسيلة اخرى للتقليل من المخاسر المدفوعة خاصة بعد النموذج السوري والليبي ؟ او بصورة اخرى هل توقعات ما قدمته الثورة من نتائج يستحق ما فقدناه من مخاسر ؟.
اسئلة يستفيق عليها العقل العربي وهو مؤمن بضرورة النهضة والتوحد والعودة الى دين هذه الامة وشريعتها وتشريعاتها وعقيدة التوحيد التي تؤلف بين شتاتها وتحميها في دنياها واخراها كما حمت وبنت واعزت وحصنت من سبقوا في حملها , كما لا يغيب عن بال هذا العقل حجم المؤامرة والتيه الذي عاشته الامة طيلة قرن من الزمان وحجم الاختراق في البنى السياسية والعسكرية والاقتصادية والامنية لصالح اعداء الامة , اضافة الى حجم البدلاء من العملاء لصالح منظومة الغرب , وبالتالي تتسع قاعدة المعضلة ما بين امكانية النهوض واستثمار الثورة لصالح الامة او امكانية استثمارها لصالح اعدائها , وما بين العلاقة العدائية القائمة بين الانظمة الاجرامية في الواقع العربي والاسلامي والشعوب المقموعة المنهوبة وبين المواجهة الشرسة لتنافس الاقليم العسكري والفكري والمنظومة الدولية على امتنا , وهل مدخلات الثورة وعملياتها تؤهل الثوار للوصول الى النتائج المرجوة أم ان مدخلات الثورة وعملياتها تحت ضغط وقوة وامكانات وعلاقات ومعلومات وبيانات المنظومة الدولية تصبح جزءا من مدخلات خطة الغرب في السيطرة على الثورة واستخدامها لأهدافه .
يعيدنا هذا للحديث عن الاحتمال الثالث بانشغال العالم العربي بذاته وثورته الداخلية الذي يجب ان لا نغفله, في حين ان القوى الاقليمية والدولية تستعد وتتربص للانقضاض على عالمنا العربي , وبالتالي تندم الامة على ثورتها وعلى مخرجاتها الاولية التي لم تتبنى مشروع نهضتها ولم تقف في وجه اعدائها رغم ما تحمله من رغبة او ادعاء بحمل الاسلام الى سدة الحكم او التدرج بالوصول الى عالميته .
ان اسرائيل تتهيأ لدولة يهودية و الاقباط يتهيؤون لدولة قبطية و الشيعة يتهيؤون لدولة شيعية والاكراد لدولة كردية , والمارون يتهيؤون لدولة مارونية والدروز يتهيؤون لدولة درزية , وايران تستعد عبر المناورات والتدخلات المباشرة من خلال اذرعها لقيادة تحالف لاختراق الخليج وتقسيمه عسكريا , واسلحة الغرب من طيران وبوارج بحرية قابعة على ارضنا وفي مياهنا , كما ان اسلحة الشرق من الروس والصين في بحارنا وتبني القواعد في شامنا , وعراقنا ممزق وسوداننا تتناوشه محاولات التقسيم الى قطع بعد ان فقد جنوبه , وكل الامم راغبة في انهاء وجودنا , وليس فقط في استثمار ثورتنا , فماذا اعدت قوى الفكر والعمل الحية لذلك ,وماذا اعد النظام العربي بعدائيته لشعوبه لمواجهة كل ذلك ؟ وماذا اعدت الشعوب لصد الهجمة الخارجية ؟ وهل ستخدم ثورتنا الداخلية ضد الانظمة في مواجهة ودحر الغزاة المتحفزين على ابواب امتنا ام انها ستخدم اعداءنا ؟.
قد يقول البعض ان تقييم الثورة خلال عامين من عمرها متسرع بعض الشيء لمن يدركون حجم الواقعة التي عانت وتعاني منها امتنا , لكن اغفال التقييم والمتابعة والنقد الحر والانتقاد البناء لها ولمن وصلوا الى سدة الحكم اثناءها يعتبر تجاوزا لعقول مفكريها واستغفالا لشعوبها وجريمة في حق الاجيال القادمة من ابناءها , كما ان اتهام المنتقدين والمتابعين والمراقبين لمسارها الذين نظروا لها وحملوا لواءها وعاشوا يتطلعون لنصرتها وانتصارها يعتبر مصيبة تستهدف الرضى القصري بنتائجها المتسرعة , اضافة الى محاولة منع استمرار مفاعيلها لاستكمال نهضة الامة وبلدانها وصولا الى الاحتكام للهدي النبوي الراشدي .
ان الثورة في حال عدم تحقيق اهدافها وتوقفها عند خيارات الغرب وبدلائه لقيادتها تصبح نقمة على الامة , اذ انها تقلل من مناعتها وتستنفذ طاقتها الحية وتشتت جهودها وتمزقها اربا حسب خطة الغرب لشرق اوسط جديد , كما انها تبث دماء جديدة في عروق اعدائها لزيادة التطاول عليها وبناء العلاقات الجديدة مع اجزائها ودفع المنطقة والوكلاء الجدد للصراعات الطائفية على الماء والكلأ والنار والحدود المصطنعة في نطاق سايكس بيكو ثاني للمنطقة العربية .
ان الثورة اذا لم تصل الى الحكم الراشدي ولم توحد امتنا بإزاله الحدود المصطنعة بين اجزائها ولم تعمل على ازالة المشروع الصهيوني بكيانه الاسرائيلي من منطقتنا , ولم تشكل قيادتها الموحدة على مستوى العالم العربي ولم تحل الاشكالية بين الشعوب وانظمة الفساد القائمة عليها قد تصبح احد ادوات تأخرنا وتدمير البنى الحضارية التي بنيناها طيلة نصف قرن من الزمن , واداة لزيادة اختراقنا والسيطرة علينا بحرب نظيفة نخوضها نيابة عن اعدائنا كما انها تغدوا وسيلة من وسائل نهب اموالنا ,وطريقا لاستعادة اعدائنا لعجلة التصنيع والبناء لما ندمره بأيدينا في صراعنا الداخلي , وشكلا من اشكال اضعافنا ليسمح للخارج بالانقضاض علينا , ولا بد لنا من البحث شئنا ام ابينا لحل هذه المشكلة اثناء حركة الثورة وقبل ان تصل الثورة الى نهايتها المحتومة لخدمة امتنا ونهضتها , او زيادة تمكين اعدائنا منا .
يدرك الجميع انه يمكننا ان ننجز لكن علينا ان نحذر في توقيت مسار الثورة وحركتها , متى تقف , وفي أي اتجاه تتحرك خارجي ام داخلي ؟ بما يتناسب مع خدمة مصالحنا بعيدا عن حبال الاعداء وحيلهم للإيقاع بنا او استخدامنا وثورتنا كمدخلات في خطتهم ومشروعهم التدميري .
4- تتوحد جهود المنطقة وتشترك تركيا وإيران والعرب * ضد العدو الإسرائيلي والغرب معا.
قد يستغرب البعض مثل هذا الاحتمال في الوقت الراهن وخاصة بعد ان كشرت ايران عن انيابها للمنطقة , واستخدمت كأداة فاعلة لضرب مقومات نهوضها وتعاونت والغرب على كثير من مصائب شعبنا العربي , لكن ايران حالها كحال الوطن العربي وهي مقبلة على ثورة داخلية لتناقض المتغيرات فيها , وكما اشرنا عن وجود اختلاف كبير في بنيتها ما بين السنة من العرب والكرد والبلوش والأذر وما بين الفرس المتلبسين للباس الشيعة , واختلاف الاصلاحيين والمحافظين سياسيا , وتنازع الاجيال بين المؤمنين بولاية الفقيه والكافرين بها , وبين مكونات الشعب التي ترغب ان تصرف المليارات على نهضة ورخاء الشعب الايراني , بدل ان تصرفها في تصدير الثورة على المنطقة العربية والاسلامية , وما بين مكونات الشعب الطامحة بالهدوء والاخرى الساعية لإشعال فتيل الحرب وتعد له عدته .
وكذلك تركيا التي تعاني من مشكلة الاكراد وامكانية الانفصال عن تركيا والعلويين الذين يعدون العدة للانفصال والارتباط بالدولة العلوية المتوقعة في الشام ,وكذلك الارمن الذين يستعدون للتوسع على حساب الارض التركية , والامة العربية التي تقع تحت تأثيرات تقسيم المنطقة الى عدة دويلات ضعيفة ومتطاحنة .
اذن جميع هذه الدول المتصارعة متأثرة بمخططات الغرب في المنطقة وان حاولت هذه الدولة او تلك تغيير المسار او تأخيره فان حرارة الثورةونيرانها ستطالها اجلا ام عاجلا , وجميعها يدرك ان عملية التقسيم لإضعاف المنطقة ما هي الا مظهرا من مظاهر خدمة الصهيونية العالمية وكيانها اسرائيل لتشكيل دولة يهودية نقية العرق تتوسع على حساب المناطق الضعيفة , وبالتالي فان العدو الحقيقي المشترك لكل بلدان المنطقة هو العدو الاسرائيلي ومن ورائه الغرب الذي اعلن عن صليبية المعركة بقيادة الولايات المتحدة الامريكية , فهل يستجيب حكام المنطقة العربية والاسلامية لنداء العقل بالمواجهة الشاملة مع اعداء المنطقة , ام انهم جزء من اللعبة الدائرة على الشعب العربي في المنطقة ؟.
في نفس الوقت لا يمكن لأهل السنة اغفال الاعداء الاقليمين للامة العربية الناهضة والذين يتقاطعون مع اعدائها بغض النظر توافقوا معهم ام اختلفوا , وبالتالي فان الشعوب العربية تخوض معركة مع الاقليم بنفس الوقت الذي تخوض به معركة الداخل الى جانب معركة الخارج , وما لم تطمئن الشعوب العربية للإقليم فان معركة كسر عظم دموية مقبلة معه .
ان ايران الغد التي تعاني وطأة مشكلاتها ومشكلات احلافها ليست كإيران اليوم كما ان تركيا الغد ليست كتركيا اليوم وعليهما ان يدركا ان مصلحة كل واحدة منهما او مصلحتهما معا هو بالتوافق مع عمقهما العربي المنطلق من الحضارة الاسلامية وعقيدتهاالسمحة , وان حمايتهما تأتي من خلالحماية قلب الامة النابض ومهد دينها وشريعتها في قلب الامة العربية في الجزيرة وبلاد الشام وامتداداتها العربية في افريقيا واسيا .
ليس غريبا ان تقود تحولات وتقلبات الحالة الايرانية الداخلية الى حالة توافقية مع المجتمع الايراني , الذي يقف ضد حكومته التي تتآمر على محيطها العربي والاسلامي ليصبح الواقع الايراني وقدرته العسكرية مدخلا من مدخلات معركة الامة , وبالتالي جزءا من نهضتها لا جزءا من استهدافها واضعافها وابتزازها لصالح اعدائها, لكن هذا يتطلب تهدئة وتغييرا وتراجعا في الحالة الايرانية ومنهجيتها العدائية وخطابها الاستفزازي والعبثية المنظمة الموجهة للواقع العربي , وبنفس الوقت يتطلب انظمة عربية قادرة على جلب الواقع الايراني لصالح امتنا , ولن يكون ذلك الا بحالة تغيير شاملة في المنطقة بالمفاهيم والمنطلقات والواقع المعاش ونقله من حالة التنافس على الثروات الى مرحلة التقاسم والتكامل بها , ومن مرحلة التنافس على الحكم الى مرحلة الاحتكام الى مركزية الخلافة ورد السلطة والقرار للشعوب المسلمة .
واخيرا هل يمكننا تصور ان مثل هذا الاحتمال واقعي الحدوث ؟ وماذا يمكن ان ينتج عنه في حال اصبح واقعا ؟ وماذا ينتظر الغرب في البر والبحر والجو اذا ما حدث ؟ وهل سيبقى العدو الاسرائيلي موجودا اذا ما اصبح هذا الاحتمال من الاوراق الموضوعة على الطاولة ؟ .
5- أن تتفجر المنطقة بشكل عشوائي ومن ثم يبدأ البحث عن أحلاف وترابطات جديدة تتشكل في خضم حالة الانهيار في محاولة لإعادة ترتيب جغرافيا المنطقة على اسس جديدة قد تؤسس لحرب عالمية جديدة .
ان الاحتمالات الاربعة السابقة واردة وهي احتمالات ممكنة وما يجري في المنطقة يؤهل لحدوث احداها او حدوث اكثر من احتمال تباعا حسب التغيرات المفروضة او الطوعية , كما ان حالة التسخين الداخلية ومزاج الحرب والتسليح والاستعداد والتصريحات الاستفزازية والمناورات العسكرية البرية والجوية والبحرية , وحشد القطع الكبيرة وبناء القواعد العسكرية كل هذا يهيئ للمعركة القادمة .
لكن ضبابية الموقف وعدم وضوح الرؤية المتعلقة بتآمر القوى العظمى , و مدى الضعف والوهن الذي اصاب هذه القوى خلال العقدين السابقين نتيجة الصراع في المنطقة وعليها , اضافة لاختلاف ولاءات الواقع العربيللخارج وجاهزيته للدخول في صراعات مع الداخل طمعا بمصالحشخصية على حساب مصالح الامة , وجاهزيته لتغيير الولاء والتبعية والتحالف المستمر حسب ضعف وقوة الاطراف المتصارعة , وبالتالي لا يوجد ثابت محدد في المعركة القادمة يمكن قياس الحركة والنتائج بناء عليه , وقد يجوز لنا ان نقول ان الثابت الوحيد هو حالة التغير والتقلب في الولاءات حماية للذات وطمعا بالمكاسب السريعة في معركة المنطقة .
ان مثل هذه الصورة لا تبني الثقة بالعلاقة القائمة بين انظمة الحكم العربي , كما انها لا تؤسس للثقة بالنظام الاقليمي , وفي نفس الوقت لا يمكن لها ان تبني قاعدة للثقة بثبات وديمومة قوة الانظمة الدولية المتحكمة برقاب حكام المنطقة وشعوبها , وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها في حماية المنطقة وانظمتها .
كل هذا يوحي ان الروابط بين جزيئات الكتل المتشابهة والمتوافقة من الانظمة والمنظومات الدولية الاقليمية والدولية والتي كانت تترابط فيما بينها مقبلة على حالة تفكك سريعة , وان حالة الشرذمة لن تطال الواقع العربي فقط وانما جميع الوحدات المشابهة كالمنظومة الاوروبية والولايات المتحدة كما حصل بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ومنظومته الاشتراكية وعليه فلن يبقى اي كيانموحد مثل ما يسمى بالجامعة العربية او المنظمة الاسلامية او هيئة الامم او الاتحاد الاوروبي .
صورة قاتمة والعقل لا يقبل توقعها ويقف حائرا امامها , ولكنها محتملة الحدوث خاصة مع انكشاف الوهن في البنية الاقتصادية للولايات المتحدة , وتراجع هيبتها السياسية واستقواء اليسار في اوروبا وامريكيا الجنوبية وتململ الشعب العربي في وجه الانظمة الملحقة بالمشروع الغربي , انها نذر انهيار منظومة الرأسمالية في العالم وانعكاس ذلك على فوضى المال والشعوب وفوضى الصراع والحروب لإثبات الوجود في ايجاد قيادة او قيادات بديلة للعالم القادم .
انها حالة الانفجار الكوني السياسي في الارض , ان هذا الانفجار قد لا يبقي امامه أيا من الانظمة القائمة , وقد تشتعل الثورة ضد انظمة الحكم الظالمة في العالم وتشتعل الحروب في كل مكان لمواجهة حالة الاستقواء بالأنظمة الدولية الحالية على دول المستضعفينوشعوبها , يلحق بها اعادة ترتيب جغرافيا المنطقة ومكوناتها على اسس جديدة غير التي سبقت , والى ان يحين ذلك يكثر القتل والدمار والدماء والاشلاء ويعم البؤس والحزن وعندها لا يفرح بغنيمة ولا يقتسم ارث.
لقد فتحت الثورة السورية بقدريتها بوابة الملاحم والبلابل والقلاقل والامور العظام , فهل تدرك امتنا الدور المنوط بها في المرحلة القادمة ؟ وهل تستعد لدورها الريادي ؟ وتوحد جهودها للخروج الآمن من ارتدادات الانفجار القادم ؟ هذا ما نأمله ونرجو ان نراه حقيقة واقعة .
وخلاصة القول :
-ان امتنا بحركتها وثورتها للخروج من مأزقها بحاجة الى مشروع شامل وواضح يتضمن خطة عمل مجدولة زمنيا تأخذ بعين الاعتبار توحيد قيادتها الفاعلة في المنطقة العربية والاسلامية وتعمل على تحديد اهدافها القريبة والبعيدة والمآلات التي تريد الوصول اليها بوضوح وصدق , معتمدة في ذلك على طاقة الأمة الكامنة للدفاع عن مقومات وجودها والعودة لدورها الريادي من خلال حشد طاقاتها المتنوعة وتوزيع الادوار فيما بينها لازالة المعوقات التي تقف حاجزا دون تقدمها نحو النتاجات المتوقعة بالعزة والكرامة والتحرر ومن خلال استخدام قوى الداخل لمواجهة الخارج , واستخدام قوى الداخل بإزاله مظاهر الفساد والقهر وتبعية الانظمة للخارج , دون توقف في منتصف الطريق مهما كان حجم التضحيات , واضعةنصب عينها ضرورة بناء المجتمع العسكري المجاهد لخوض المعركة الحتمية لتحرير بيت المقدس من الاحتلال الصهيوني.
-ان الثورة السورية اليوم تقدم الفرصة لنهضة الامة من خلال ضربها لمشروع الطائفة الفارسية المتشيعة واذرعه في المنطقة باستهدافها العمود الفقري له وقلبه النابض, وتعمل على تقليم مخالبه في المنطقة , كما انها تضرب بيد قوية السور الاول لحماية الغرب في المنطقة العربية , وتزعزع الانظمة العربية التي عاثت فسادا في المنطقة وتجعلها في مواجهة مع قدرها , كما انها تقدم فرصة لاستعادة الامة لهويتهاوقوتها الحضارية واعادة البناء الداخلي من اجل العودة الى السيف الذي تخلت عنه طيلة قرون من الزمن , وتوفر فرصة لاستنهاض الامة من خلال التواصل الايجابي بين مفكريها ومجاميعها من اجل صياغة الية للتوحد في مواجهة مجريات الاحداث والتداعيات على امتنا .
-ان انطلاقة الثورة السورية فتحتباب التساؤلات على مصراعيها للعاملين في التيارات الاسلامية المختلفة للإجابة على المعضلات التي تواجه العمل الاسلامي في البنية العربية ومن هذه المعضلات : امكانية وحدة العمل الاسلامي على اختلاف المشارب والمنابع , وطبيعة العلاقة بين النظم القائمة والعمل الاسلامي التغييري , و امكانية العمل الحزبي المقنن في ظل انظمة لا تعمل لمصلحة امتها , وامكانية التحول من العمل الحزبي الفكري الاصلاحي الى العمل الجهادي المنظم للدفاع عن مقومات بقاء الامة , وقدرة التيارات الاسلامية على بناء مشروع سياسي ناهض بالأمة , ومدى قدرة التيارات الاسلامية المختلفة على استلام سدة الحكم ومدى التحضير له في حالة انهيار النظم تحت وقع الثورات , هذه التساؤلات وغيرها بحاجة الى اجابة سريعة لتتمكن المجاميع العاملة من العمل بوضوح اثناء حالة التحول التي تعيشها الامة ولتتخلص هذه المجاميع من القيود التي تمنع تحركها بشكل متفاعل مع قضايا الامة الطارئة ولتتمكن الامة من الاستفادة من طاقة افرادها الكامنة بأقصى درجة ممكنة ويبقى تساؤل محرج بعض الشيء للواقفين على قيادة العمل الاسلامي وخاصة التنظيمات القديمة منها هل نحن حقا بحاجة الى هذه التنظيمات ام انها تشكل عائقا امام مسار انطلاقتنا وتطورنا ؟ وهل نحن بحاجة الى تشكيلات تنظيمية جديدة ضمن رؤى وبنى تختلف عن الموجودة ؟.
-ان الثورة السورية فتحت الباب على مصراعيها لاحتمالات الصراع القادم على المنطقة مما يتطلب من مفكريها وقادتها اعادة النظر في كيفية الخطاب والبناء الفكري والتنظيمي وتشكيل العلاقات على المستوى الداخلي والخارجي وفي نفس الوقت يتطلب منهم الاستعداد والتحضير لهذا الصراع بما يتناسب معه من قوة التلاحم وتوسيع قاعدة التواصل بين مفكري دول المنطقة , والتحرك الموجه نحو تحقيق اهداف محددة مسبقا ومتوافق عليها من خلال النقاش والحوار البناء مع استمرارية النقد الذي يساعد في التصحيح المستمر لحراك الامة على طريق استعادة نهضتها وكرامتها وحريتها .
-واخيرا في اطار الحراك المستمر للثورة السورية , لا بد من إدراك أن العالم جميعا يتكالب وبتوافق على امتنا وأرضنا وسيادتنا وثرواتنا وهو دائم العمل على إضعافنا وسلبنا قرارنا المستقل , و العالم يتحرك من وحي الدفاع عن المصالح الإسرائيلية في المنطقة ومن ثم مصالحه وعلى ديمومة الدور الاحتلالي للكيان الإسرائيلي لإشغال واختراق وإضعاف وتجزئة المنطقة, مع ضرورة إدراك أن الأنظمة المحيطة والمهتمة بالحالة السورية تلعب دورا امنيا ليس بمعزل عن خطط الغرب , بل قد يكون المنفذ الأساسي لهذه الخطط وان ادعت حرصها على نجاح الثورة ودعم الثوار, مع بقاء التخوف من الدعم المالي من قبل الأنظمة ان يكون لشراء الولاءات واستخدامها عند الطلب في الخطط المرسومة, أو العمل على إضعاف البنى العسكرية لصالح البنى السياسية , أو الحفاظ على البنى العسكرية دون مشاركة فاعلة أو إيقاف عملها عندما يلزم, كما ان الولاءات المختلفة للدعم المالي تجعل من السهولة تحريك القطاعات العسكرية باتجاه الصراع ليس من اجل التحرير ولكن بحجة بسط النفوذ واقتسام الكعكة, وفي غياب المرجعية القيادية السياسية والعسكرية الأمينة سترفع البنادق وتوجه لصدور المجاهدين الذي عملوا معا لإسقاط النظام , ومن هنا يبدأ التسلل والسيطرة على الوضع الداخلي كما ان أي صراع بالبنادق بين رفقاء السلاح سيعمل على زيادة تدمير البلد وسيؤخر النصر, وسيزيد من عبث المجتمع الدولي في الثورة السورية لتحطيم نتائجها وعدم الوصول بها إلى حل إلا الذي يرتضيه الغرب.
إن فهمنا لما يمكن أن يحدث وكيفية حدوثه وخيوط اللعبة المرسومة للحرب الدائرة في سوريا يتطلب من قادة المفكرين والعاملين والكتائب والألوية وغيرها الوقوف هنيهة والتفكير مليا في كيفية مواجهة الأحداث ومجرياتها وقبل استقبال النصر الأولي بزوال بشار وزمرته من خلال وضع الرؤى والخطط لكيفية التعامل مع المخطط الغربي في المنطقة لان المخطط الغربي لا زال يمتلك القوة الفاعلة في إدارة المنطقة أما المخطط الشرقي فانه في حالة ضعف وتراجع ويظهر ذلك جليا في تغير ولاءات كل من قطر وحماس جزئيا وما يجري في سوريا والعراق وما قد يترتب عليه في لبنان وإيران وفي كل المنطقة العربيةفهل مفكرينا وقادتنا مؤهلين للاستجابة , وهل هم مؤهلين للإفلات من شباك الغرب الذي يعاني من حالة تراجع , وهل هم مؤهلين للوصول بالثورة إلى حالة التوحد السياسي والعسكري لإنجاز المهمة وحمايتهاوتطويرها كمشروع يخدم تطلعات امتنا ؟ . هذا ما ستكشفه مجريات الاحداث .
قال الله تعالى : " ويسألونك متى هو قل عسى ان يكون قريبا "
احتمالات المعركة القادمة "5"